عليهم ربك سَوط عذاب. وإنما كانت نِقَما تنزل بهم، إما ريحا تُدَمرهم، وإما رَجفا يُدَمدم عليهم، وإما غَرَقا يُهلكهم من غير ضرب بسوط ولا عصا؛ لأنه كان من أليم عذاب القوم الذين خوطبوا بهذا القرآن، الجلد بالسياط، فكثر استعمال القوم الخبر عن شدّة العذاب الذي يعذّب به الرجل منهم أن يقولوا: ضُرب فلان حتى بالسياط، إلى أن صار ذلك مثلا فاستعملوه في كلّ معذَّب بنوع من العذاب شديد، وقالوا: صَبّ عليه سَوْط عذاب.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله: (سَوْطَ عَذَابٍ) قال: ما عذّبوا به.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد في قوله: (فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ) قال: العذاب الذي عذّبهم به سماه: سوط عذاب.
وقوله: (إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ) يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: إن ربك يا محمد لهؤلاء الذين قصصت عليك قَصَصَهم، ولِضُرَبائهم من أهل الكفر، لبالمِرصاد يرصدهم بأعمالهم في الدنيا وفي الآخرة، على قناطر جهنم، ليكردسهم فيها إذا وردوها يوم القيامة.
واختلف أهل التأويل في تأويله، فقال بعضهم: معنى قوله: (لَبِالْمِرْصَادِ) بحيث يرى ويسمع.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني عليّ، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قوله: (إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ) يقول: يَرى ويسمع.
وقال آخرون: يعني بذلك أنه بمَرصد لأهل الظلم.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن المبارك بن مجاهد، عن جُويْبِر، عن الضحاك في هذه الآية، قال: إذا كان يوم القيامة، يأمر الربّ بكرسيه، فيوضع على


الصفحة التالية
Icon