رَسُولُ اللَّهِ نَاقَةَ اللَّهِ وَسُقْيَاهَا) قسْم الله الذي قسم لها من هذا الماء.
وقوله: (فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوهَا) يقول: فكذّبوا صالحا في خبره الذي أخبرهم به، من أن الله الذي جعل شِرْبَ الناقة يوما، ولهم شِرْبُ يوم معلوم، وأن الله يُحِلّ بهم نقمته، إن هم عقروها، كما وصفهم جلّ ثناؤه فقال: (كَذَّبَتْ ثَمُودُ وَعَادٌ بِالْقَارِعَةِ)، وقد يُحتمل أن يكون التكذيب بالعقْر. وإذا كان ذلك كذلك، جاز تقديم التكذيب قبل العقر، والعقر قبل التكذيب، وذلك أن كلّ فعل وقع عن سبب حَسُنَ ابتداؤه قبل السبب وبعده، كقول القائل: أعطيت فأحسنت، وأحسنت فأعطيت؛ لأن الإعطاء هو الإحسان، ومن الإحسان الإعطاء، وكذلك لو كان العقر هو سبب التكذيب، جاز تقديم أيّ ذلك شاء المتكلم. وقد زعم بعضهم أن قوله: (فَكَذَّبُوهُ) كلمة مكتفية بنفسها، وأن قوله: (فَعَقَرُوهَا) جواب لقوله: (إِذِ انْبَعَثَ أَشْقَاهَا) كأنه قيل: إذ انبعث أشقاها فعقرها، فقال: وكيف قيل (فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوهَا) وقد كان القوم قبل قتل الناقة مُسَلِّمين، لها شرب يوم، ولهم شرب يوم آخر. قيل: جاء الخبر أنهم بعد تسليمهم ذلك أجمعوا على منعها الشرب، ورضوا بقتلها، وعن رضا جميعهم قَتَلها قاتِلُها، وعقَرَها من عقرها ولذلك نُسب التكذيب والعقر إلى جميعهم، فقال جلّ ثناؤه: (فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوهَا).
وقوله: (فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنْبِهِمْ فَسَوَّاهَا) يقول تعالى ذكره: فدمَّر عليهم ربهم بذنبهم ذلك، وكفرهم به، وتكذيبهم رسوله صالحا، وعقرهم ناقته (فَسَوَّاهَا) يقول: فسوّى الدمدمة عليهم جميعهم، فلم يُفْلِت منهم أحد.
كما حدثني بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: (فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنْبِهِمْ فَسَوَّاهَا) ذُكر لنا أن أحيمر ثَمود أبى أن يعقرها، حتى بايعه صغيرُهم وكبيرُهم، وذكرهم وأنثاهم، فلما اشترك القوم في عقرها دمدم الله عليهم بذنبهم فسوّاها.
حدثني بشر بن آدم، قال: ثنا قُتيبة، قال: ثنا أبو هلال، قال: سمعت الحسن يقول: لما عقروا الناقة طلبوا فصيلها، فصار في قارة الجبل، فقطع الله قلوبهم.
وقوله: (وَلا يَخَافُ عُقْبَاهَا) اختلف أهل التأويل في معنى ذلك، فقال بعضهم: معناه: لا يخاف تبعة دمدمته عليهم.


الصفحة التالية
Icon