* ذكر من قال ذلك:
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: (إِنَّ عَلَيْنَا لَلْهُدَى) يقول: على الله البيان، بيانُ حلاله وحرامه، وطاعته ومعصيته.
وكان بعض أهل العربية يتأوّله بمعنى: أنه من سلك الهدى فعلى الله سبيله، ويقول وهو مثل قوله: (وَعَلَى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ) ويقول: معنى ذلك: من أراد الله فهو على السبيل القاصد، وقال: يقال معناه: إن علينا للهدى والإضلال، كما قال: (سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ) وهي تقي الحرّ والبرد.
وقوله: (وَإِنَّ لَنَا لَلآخِرَةَ وَالأولَى) يقول: وإن لنا ملك ما في الدنيا والآخرة، نعطي منهما من أردنا من خلقنا، ونحرمه من شئنا.
وإنما عَنَى بذلك جلّ ثناؤه أنه يوفق لطاعته من أحبّ من خلقه، فيكرمه بها في الدنيا، ويهيئ له الكرامة والثواب في الآخرة، ويخذُل من يشاء خذلانه من خلقه عن طاعته، فيهينه بمعصيته في الدنيا، ويخزيه بعقوبته عليها في الآخرة.
ثم قال جل ثناؤه: (فَأَنْذَرْتُكُمْ نَارًا تَلَظَّى) يقول تعالى ذكره: فأنذرتكم أيها الناس نارا تتوهَّج، وهي نار جهنم، يقول: احذروا أن تعصوا ربكم في الدنيا، وتكفروا به، فَتصْلَونها في الآخرة. وقيل: تلظَّى، وإنما هي تتلظَّى، وهي في موضع رفع، لأنه فعل مستقبل، ولو كان فعلا ماضيا لقيل: فأنذرتكم نارًا تلظَّت.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.


الصفحة التالية
Icon