البيت أو اعتمر فلا جُناحَ عليه أن يطوف بهما".
* * *
قال أبو جعفر: وقد يحتمل قراءة من قرأ:"فلا جُناحَ عَليه أنْ لا يَطَّوَّف بهما"، أن تكون"لا" التي مع"أن"، صلةً في الكلام، (١) إذْ كان قد تقدَّمها جَحْدٌ في الكلام قبلها، وهو قوله: (فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ)، فيكون نظير قول الله تعالى ذكره: (قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ) [سورة الأعراف: ١٢]، بمعنى ما منعك أن تسجدَ، وكما قال الشاعر: (٢)

مَا كَانَ يَرْضَى رَسُولُ اللهِ فِعْلَهُمَا والطَّيِّبَانِ أبُو بَكْرٍ وَلا عُمَرُ (٣)
ولو كان رسمُ المُصحف كذلك، لم يكن فيه لمحتجّ حجة، مع احتمال الكلام ما وصفنا. لما بيَّنا أن ذلك مما عَلم رسول الله ﷺ أمَّته في مناسكهم، على ما ذكرنا، ولدلالة القياس على صحته، فكيف وهو خلافُ رُسوم مصاحف المسلمين، ومما لو قَرَأه اليوم قارئ كان مستحقًّا العقوبةَ لزيادته في كتاب الله عز وجل ما ليس منه؟
* * *
(١) قوله: "صلة"، أي زيادة ملغاة، وانظر ما سلف ١: ١٩٠، ٤٠٥ وفهرس المصطلحات، وانظر أيضًا معاني القرآن للفراء ١: ٩٥، فقد ذكر هذا الوجه.
(٢) هو جرير.
(٣) سلف تخريجه في ١: ١٩١-١٩٢.


الصفحة التالية
Icon