الله تعالى ذكره بالإفطار معه في شهر رمضان، من كان الصومُ جاهدَه جَهدًا غير محتمل، فكل من كان كذلك فله الإفطار وقضاء عدة من أيام أخر. وذلك أنه إذا بلغ ذلك الأمرَ، فإن لم يكن مأذونًا له في الإفطار فقد كلِّف عُسرًا، ومُنع يُسرًا. وذلك غير الذي أخبر الله أنه أراده بخلقه بقوله:"يُريد اللهُ بكم اليسرَ وَلا يُريد بكم العسر". وأما من كان الصوم غيرَ جَاهدِه، فهو بمعنى الصحيح الذي يُطيق الصوم، فعليه أداءُ فرضه.
* * *
وأما قوله:"فعدة من أيام أخر"، فإنّ معناها: أيامًا معدودة سوى هذه الأيام.
وأما"الأخَر"، فإنها جمع"أخرى" كجمعهم"الكبرى" على"الكُبَر" و"القُربى" على"القُرَب". (١)
* * *
فإن قال قائل: أوَليست"الأخر" من صفة الأيام؟
قيل: بلى.
فإن قال: أوَليس واحدُ"الأيام""يوم" وهو مذكر؟
قيل: بلى.
فإن قال: فكيف يكون واحدُ"الأخر""أخرى"، وهي صفة ل"اليوم"، ولم يكن"آخر"؟
قيل: إن واحد"الأيام" وإن كان إذا نُعت بواحد"الأخر" فهو"آخر"، فإن"الأيام" في الجمع تصير إلى التأنيث، فتصير نعوتها وصفاتها كهيئة صفات المؤنث، كما يقال:"مضت الأيامُ جُمعَ"، ولا يقال: أجمعون، ولا أيام آخرون.
* * *
فإن قال لنا قائل: فإن الله تعالى قال:"فمن كانَ منكم مريضًا أو عَلى

(١) في المطبوعة: "بجمعهم الكبرى"، وكأن الصواب ما أثبت.


الصفحة التالية
Icon