عليه وسلم: ليس من البر أن تَصوموا في السفر. (١).
* * *
فمن بلغ منه الصوم ما بَلغ من الذي قال له النبي صلى الله عليه وسلم، ذلك، فليس من البر صومه. لأن الله تعالى ذكره قد حرّم على كل أحد تعريضَ نفسه لما فيه هلاكها، وله إلى نجاتها سبيل. وإنما يُطلب البر بما نَدب الله إليه وَحضَّ عليه من الأعمال، لا بما نهى عنه.
وأما الأخبار التي رويت عنه ﷺ من قوله:"الصائم في السفر كالمفطر في الحضر" (٢) فقد يحتمل أن يكون قيل لمن بلغ منه الصوم ما بلغ من هذا الذي ظُلِّل عليه، إن كان قبل ذلك. وغيرُ جائز عليه أن يُضَاف إلى النبي ﷺ قيلُ ذلك، لأن الأخبار التي جاءت بذلك عن رسول الله صلى

(١) الحديث: ٢٨٩٢م - محمد بن عبد الرحمن بن سعد بن زرارة: ثقة معروف، أخرج له أصحاب الكتب الستة. وبعضهم ينسبه لجده لأمه، فيقول: "محمد بن عبد الرحمن بن أسعد بن زرارة". و"سعد بن زرارة"، وأخوه"أسعد بن زرارة"- صحابيان معروفان، أنصاريان، من بني النجار.
ووقع في هذا الإسناد في المطبوعة"شعبة عن عبد الرحمن بن سعد.. "، وهو خطأ واضح من الناسخين سقط منهم"محمد بن" قبل"عهد الرحمن".
محمد بن عمرو بن الحسن بن علي بن أبي طالب: تابعي ثقة، أخرج له الشيخان وغيرهما.
والحديث رواه مسلم ١: ٣٠٨، بأسانيد، منها: عن محمد بن المثني، شيخ الطبري هنا، عن محمد بن جعفر، بهذا الإسناد.
ورواه أحمد في المسند: ١٤٢٤٢ (٣: ٢٩٩حلبي)، عن محمد بن جعفر، به. ورواه أبو داود الطيالسي: ١٧٢١، عن شعبة، به.
ورواه البخاري ٤: ١٦١-١٦٢ (فتح)، عن آدم، عن شعبة. ورواه أيضًا -مختصرًا- في الكبير ١/١/١٨٩-١٩٠، عن آدم.
ورواه أبو نعيم في الحلية ٧: ١٥٩، بأسانيد من طريق شعبة، ثم قال: "صحيح متفق عليه. واختلف في محمد بن عبد الرحمن: فأخرجه سليمان في ترجمة: شعبة عن أبي الرجال، وغيره أخرجه في ترجمة محمد بن عبد الرحمن بن أسعد بن زرارة".
وقد حقق الحافظ في الفتح أن الصحيح ما ذكرنا. وهو الثابت في صحيح مسلم، وسنن أبي داود: ٢٤٠٧، وغيرهما.
وقصر السيوطي جدًا، إذ نسبه في الدر المنثور ١: ١٩١ لابن أبي شيبة، وأبي داود، والنسائي، فقط؛ وهو في الصحيحين كما ترى.
(٢) انظر الأثرين رقم: ٢٨٦٧، ٢٨٦٨، والتعليق عليهما.


الصفحة التالية
Icon