المجامعة والأكل والشربُ حتى يُتمُّوا الصيامَ إلى الليل. فأمر بصوم النهار إلى الليل، وأمر بالإفطار بالليل.
٢٩٨٦- حدثنا أبو كريب قال، حدثنا أبو بكر بن عياش، وقيل له: أرأيتَ قولَ الله تعالى:"الخيط الأبيضُ من الخيط الأسْود من الفجر"؟ قال: إنك لعريض القفا، قال: هذا ذهابُ الليل ومجيءُ النهار. قيل له: الشعبي عن عدي بن حاتم؟ قال: نعم، حدثنا حصين (١).
* * *
وعلَّة من قال هذه المقالة، وتأوَّل الآية هذا التأويل ما:

(١) الحديث: ٢٩٨٦- حصين: هو ابن عبد الرحمن السلمي، الثقة المأمون، من كبار أئمة الحديث. مضت له رواية في: ٥٧٩.
وهذا الحديث اختصره أبو بكر بن عياش جدا، وحذف إسناده حين حدث به، ثم سئل عنه، فبين أنه سمعه من حصين عن الشعبي عن عدي بن حاتم.
وسيأتي: ٢٩٨٧، ٢٩٨٩ مختصرا، و ٢٩٨٨ مطولا، ولكنه ثابت في الصحيحين وغيرهما، مطولا بسياق صحيح واضح:
فرواه أحمد في المسند ٤: ٣٧٧ (حلبي) عن هشيم: "أخبرنا حصين، عن الشعبي، أخبرنا عدي بن حاتم، قال: لما نزلت هذه الآية (فكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود)، قال: عمدت إلى عقالين، أحدهما أسود، والآخر أبيض، فجعلتهما تحت وسادي، قال: ثم جعلت أنظر إليهما، فلا يتبين لي الأسود من الأبيض، ولا الأبيض من الأسود، فلما أصبحت غدوت على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخبرته بالذي صنعت، فقال: إن كان وسادك إذًا لعريض، إنما ذلك بياض النهار من سواد الليل".
وقول عدي: "لما نزلت هذه الآية"، يريد: لما تليت عليه عند إسلامه، لأن فرض الصوم كان في أوائل الهجرة، وعدي أسلم بعد ذلك بدهر، في السنة التاسعة أو العاشرة.
ورواه البخاري ٤: ١١٣ (فتح)، من طريق هشيم، ورواه مسلم ١: ٣٠١، وأبو داود: ٢٣٤٩- كلاهما من طريق عبد الله بن إدريس، عن حصين. ورواه البخاري ٨: ١٣٧ (فتح) مختصرا، من طريق أبي عوانة، عن حصين.
وذكره ابن كثير ١: ٤٢١، من رواية أحمد، ثم قال: "أخرجاه في الصحيحين من غير وجه، عن عدي". وذكره السيوطي ١: ١٩٩، وزاد نسبته لسفيان بن عيينة، وسعيد بن منصور، وابن أبي شيبة، والترمذي، وابن المنذر، والبيهقي.
قوله: "عريض القفا"، كناية عن السمن وطول النوم. وذلك دليل على الغفلة والركود.


الصفحة التالية
Icon