القول في تأويل قوله تعالى: ﴿قَالَ وَمَنْ كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلا﴾
قال أبو جعفر: اختلف أهل التأويل في قائل هذا القول، وفي وجه قراءته. فقال بعضهم: قائل هذا القول ربنا تعالى ذكره، وتأويله على قولهم: قال: ومن كفر فأمتعه قليلا برزقي من الثمرات في الدنيا، إلى أن يأتيه أجله. وقرأ قائل هذه المقالة ذلك:"فأمتعه قليلا"، بتشديد"التاء" ورفع"العين".
* ذكر من قال ذلك:
٢٠٣٣- حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه عن الربيع، قال، حدثني أبو العالية، عن أبي بن كعب في قوله:"ومن كفر فأمتعه قليلا ثم أضطره إلى عذاب النار"، قال هو قول الرب تعالى ذكره.
٢٠٣٤- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة قال، قال ابن إسحاق: لما قال إبراهيم:"رب اجعل هذا بلدا آمنا وارزق أهله من الثمرات من آمن منهم بالله واليوم الآخر"، وعدل الدعوة عمن أبى الله أن يجعل له الولاية، = انقطاعا إلى الله، (١) ومحبة وفراقا لمن خالف أمره، وإن كانوا من ذريته، حين عرف أنه كائن منهم ظالم لا ينال عهده، بخبره عن ذلك حين أخبره (٢) = فقال الله: ومن كفر - فإني أرزق البر والفاجر - فأمتعه قليلا. (٣)
* * *
وقال آخرون: بل قال ذلك إبراهيم خليل الرحمن، على وجه المسألة منه ربه أن

(١) يعني أن إبراهيم قال ذلك، وصرف الدعوة: "انقطاعا إلى الله... "
(٢) في المطبوعة: "أنه كان منهم ظالم... " والصواب ما أثبت من تفسير ابن كثير. قوله: "بخبره عن ذلك.. " سياقه، أنه: عدل الدعوة عمن أبي.. بخبر الله عن ذلك حين أخبره. وفي المطبوعة: "فقال الله.. "، والفاء مفسدة للسياق، فإنه: "لما قال إبراهيم.. وعدل الدعوة.. قال الله.. ".
(٣) الأثر: ٢٠٣٤- في تفسير ابن كثير ١: ٣١٩، وفيه اختلاف في بعض اللفظ، ولم أجده في سيرة ابن هشام.


الصفحة التالية
Icon