موضع البيت ومعالم الحرم. فخرج وخرج معه جبريل، فقال: كان لا يمر بقرية إلا قال: أبهذه أمرت يا جبريل؟ فيقول جبريل: امضه! حتى قدم به مكة، وهي إذ ذاك عضاه سلم وسمر، وبها أناس يقال لهم"العماليق" خارج مكة وما حولها، (١) والبيت يومئذ ربوة حمراء مدرة، فقال إبراهيم لجبريل: أههنا أمرت أن أضعهما؟ قال: نعم. فعمد بهما إلى موضع الحجر فأنزلهما فيه، وأمر هاجر أم إسماعيل أن تتخذ فيه عريشا، فقال: (رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ) إلى قوله: (لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ). [سورة إبراهيم: ٣٧]
قال ابن حميد: قال، سلمة قال، ابن إسحاق: ويزعمون -والله أعلم- أن ملكا من الملائكة أتى هاجر أم إسماعيل - حين أنزلهما إبراهيم مكة، قبل أن يرفع إبراهيم وإسماعيل القواعد من البيت - فأشار لها إلى البيت، وهو ربوة حمراء مدرة، فقال لها: (٢) هذا أول بيت وضع في الأرض، وهو بيت الله العتيق، واعلمي أن إبراهيم وإسماعيل هما يرفعانه للناس. (٣)
٢٠٤٩- حدثني الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا هشام بن حسان قال، أخبرني حميد، عن مجاهد قال: خلق الله موضع هذا
(٢) في المطبوعة: "فأشار لهما.. فقال لهما.. " على التثنية، وهو خطأ محض، فإن الخطاب لهاجر وحدها، كما يدل عليه السياق قبل وبعد، والصواب في أخبار مكة للأزرقي.
(٣) الأثر: ٢٠٤٨- الفقرة الأولى من هذا الأثر في تاريخ الطبري ١: ١٣٠ مع بعض الاختلاف في اللفظ في صدر الخبر، وفي أخبار مكة للأزرقي ١: ١٩، وفي تفسير ابن كثير ١: ٣٢٦. وأما الفقرة الأخيرة منه فهي في أخبار مكة للأزرقي ١: ٢٠-٢١، وقد كان مكان قوله في آخرها"يرفعانه للناس"، "يرفعانه فالله أعلم"، وهي زيادة من ناسخ في أغلب الظن. وأثبت نص ما جاء في أخبار مكة.
والعضاه: كل شجر يعظم وله شوك شديد. والسلم والسمر: ضربان من شجر العضاه. وقوله: "مدرة"، أي طين يابس لزج، لا رمل فيه، وهو الطين الحر.