ومعنى قولهم:"خطب فلان فلانة"، سألها خطبه إليها في نفسها، وذلك حاجته، من قولهم:"ما خطبك"؟ بمعنى: ما حاجتك، وما أمرك؟
* * *
وأما"التعريض"، فهو ما كان من لحن الكلام الذي يفهم به السامع الفهم ما يفهم بصريحه. (١)
* * *
القول في تأويل قوله تعالى: ﴿أَوْ أَكْنَنْتُمْ فِي أَنْفُسِكُمْ﴾
قال أبو جعفر: يعني تعالى ذكره بقوله:"أو أكننتم في أنفسكم"، أو أخفيتم في أنفسكم، فأسررتموه، من خطبتهن، وعزم نكاحهن وهن في عددهن، فلا جناح عليكم أيضا في ذلك، إذا لم تعزموا عقدة النكاح حتى يبلغ الكتاب أجله.
* * *
يقال منه:"أكن فلان هذا الأمر في نفسه، فهو يكنه إكنانا"، و"كنه"، إذا ستره،"يكنه كنا وكنونا"، و"جلس في الكن" ولم يسمع"كننته في نفسي"، (٢) وإنما يقال:"كننته في البيت أو في الأرض"، إذا خبأته فيه، ومنه قوله تعالى ذكره: (كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَكْنُونٌ) [سورة الصافات: ٤٩]، أي مخبوء، ومنه قول الشاعر: (٣)
ثلاث من ثلاث قداميات | من اللائي تكن من الصقيع (٤) |
(٢) ذكر أصحاب اللغة أن ذلك قيل، واستشهدوا بقول أبي قطيفة:
قد يكتم الناس أسرارا فأعلمها | وما ينالون حتى الموت مكنوني |
(٤) معاني الفراء ١: ١٥٢، واللسان (كنن). قداميات جمع قدامى، والقدامى واحد. وجمع، وهو هنا واحد. والقدامى والقوادم في الطير: عشر ريشات في كل جناح. وقوله: "ثلاث من ثلاث قداميات"، كأنه يريد أنه اختار من قوادم ثلاث من الطير، ثلاث ريشات من ريشه، وكأنه يريد ذلك لأسهمه، يريش الأسهم بها. والصقيع: الذي يسقط بالليل، شبيه بالثلج.