بينهم. وتوجيه تأويل القرآن إلى الأشهر من اللغات، أولى من توجيهه إلى الأنكر، (١) ما وُجد إلى ذلك سبيل.
* * *
القول في تأويل قوله: ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (٢٤٨) ﴾
قال أبو جعفر: يعني تعالى ذكره بذلك: أن نبيه أشمويل قال لبني إسرائيل: إن في مجيئكم التابوت فيه سكينة من ربكم وبقية مما ترك آل موسى وآل هارون حاملته الملائكة="لآية لكم"، يعني: لعلامة لكم ودلالة، (٢) أيها الناس، على صدقي فيما أخبرتكم: أن الله بعث لكم طالوت ملكا، أن كنتم قد كذبتموني فيما أخبرتكم به من تمليك الله إياه عليكم، واتهمتموني في خبري إياكم بذلك="إن كنتم مؤمنين"، يعني بذلك: (٣) إن كنتم مصدقي عند مجيء الآية التي سألتمونيها على صدقي فيما أخبرتكم به من أمر طالوت وملكه.
* * *
وإنما قلنا ذلك معناه، لأن القوم قد كانوا كفروا بالله في تكذيبهم نبيهم وردهم عليه قوله:"إن الله قد بعث لكم طالوت ملكا"، بقولهم:"أنى يكون له الملك علينا ونحن أحق بالملك منه"، = وفي مسألتهم إياه الآية على صدقه. فإذ كان ذلك منهم كفرا، (٤)
فغير جائز أن يقال لهم وهم كفار: لكم في مجيء التابوت آية إن كنتم من أهل الإيمان بالله ورسوله: = وليسوا من أهل الإيمان بالله ولا برسوله. ولكن الأمر في ذلك على ما وصفنا من معناه، لأنهم سألوا الآية
(٢) انظر معنى"آية" فيما سلف قريبا: ٣١٧ تعليق: ١ وفيه المراجع.
(٣) انظر تفسير"الإيمان" بمعنى"التصديق" فيما سلف من الأجزاء. في فهارس للغة.
(٤) في المطبوعة: "فإن كان ذلك منهم"، والصواب ما في المخطوطة.