= أن الله يفعل بعبده المؤمن: (١) من تعريفه إياه سيئات أعماله، حتى يعرفه تفضله عليه بعفوه له عنها. فكذلك فعله تعالى ذكره في محاسبته إياه بما أبداه من نفسه وبما أخفاه من ذلك، ثم يغفر له كل ذلك بعد تعريفه تفضله وتكرمه عليه، فيستره عليه. وذلك هو المغفرة التي وعد الله عباده المؤمنين فقال:"فيغفر لمن يشاء". (٢)
* * *
قال أبو جعفر: فإن قال قائل: فإن قوله:"لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت"، ينبئ عن أن جميع الخلق غير مؤاخذين إلا بما كسبته أنفسهم من ذنب، ولا مثابين إلا بما كسبته من خير؟
قيل: إن ذلك كذلك، وغير مؤاخذ العبد بشيء من ذلك إلا بفعل ما نهي عن فعله، أو ترك ما أمر بفعله.
فإن قال: فإذ كان ذلك كذلك، فما معنى وعيد الله عز وجل إيانا على ما أخفته أنفسنا بقوله:"ويعذب من يشاء"، إن كان لها ما كسبت وعليها
(٢) في المطبوعة: "يغفر لمن يشاء" بغير فاء، وأثبت نص الآية كما في المخطوطة.