غفر له، وصفحة له عن هتك ستره بها في الدنيا والآخرة، وعفوه عن العقوبة - عليه. (١)
* * *
وأما قوله:"وإليك" المصير"، فإنه يعني جل ثناؤه أنهم قالوا: وإليك يا ربنا مرجعنا ومعادنا، فاغفر لنا ذنوبنا. (٢)
* * *
قال أبو جعفر: فإن قال لنا قائل: فما الذي نصب قوله:"غفرانك"؟
قيل له: وقوعه وهو مصدر موقع الأمر. وكذلك تفعل العرب بالمصادر والأسماء إذا حلت محل الأمر، وأدت عن معنى الأمر نصبتها، فيقولون: "شكرا لله يا فلان"، و"حمدا له"، بمعنى: اشكر الله واحمده."والصلاة، الصلاة". بمعنى: صلوا. ويقولون في الأسماء:"الله الله يا قوم"، ولو رفع بمعنى: هو الله، أو: هذا الله - ووجه إلى الخبر وفيه تأويل الأمر، كان جائزا، كما قال الشاعر: (٣)
إن قوما منهم عمير وأشبا... هـ عمير ومنهم السفاح (٤) لجديرون بالوفاء إذا قا... ل أخو النجدة: السلاح السلاح! !
ولو كان قوله:"غفرانك ربنا" جاء رفعا في القراءة، لم يكن خطأ، بل كان صوابا على ما وصفنا. (٥)
* * *
وقد ذكر أن هذه الآية لما نزلت على رسول الله ﷺ ثناء من

(١) انظر ما سلف ٢: ١٠٩، ١١٠.
(٢) انظر ما سلف في تفسير"المصير" ٣: ٥٦.
(٣) لم أعرف قائله.
(٤) معاني القرآن للفراء ١: ١٨٨، وشواهد العيني (بهامش الخزانة) ٤: ٣٠٦. ولم أستطع تعييني"عمير" و"السفاح"، فهما كثير.
(٥) أكثر هذا من معاني القرآن للفراء ١: ١٨٨.


الصفحة التالية