ثم اختلف أهل العربية في العلة التي من أجلها لم يصرف"أخَر".
فقال بعضهم: لم يصرف"أخر" من أجل أنها نعتٌ، واحدتها"أخرى"، كما لم تصرف"جُمَع" و"كُتَع"، لأنهن نعوتٌ.
* * *
وقال آخرون: إنما لم تصرف"الأخر"، لزيادة الياء التي في واحدتها، وأنّ جمعها مبنيّ على واحدها في ترك الصرف. قالوا: وإنما ترك صرف"أخرى"، كما ترك صرف"حمراء" و"بيضاء"، في النكرة والمعرفة، لزيادة المدة فيها والهمزة بالواو. (١) ثم افترق جمع"حمراء" و"أخرى"، فبنى جمع"أخرى" على واحدته فقيل:"فُعَلٌ" و"أخر"، (٢) فترك صرفها كما ترك صرف"أخرى" = وبنى جمع"حمراء" و"بيضاء" على خلاف واحدته فصرف، فقيل:"حمر" و"بيض"، فلاختلاف حالتهما في الجمع، اختلفَ إعرابهما عندهم في الصرف. ولاتفاق حالتيهما في الواحدة، اتفقت حالتاهما فيها.
* * *
وأما قوله:"متشابهات"، فإن معناه: متشابهات في التلاوة، مختلفات في المعنى، كما قال جل ثناؤه: (وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهًا) [سورة البقرة: ٢٥]، يعني في المنظر، مختلفًا في المطعم (٣) وكما قال مخبرًا عمن أخبر عنه من بني إسرائيل أنه قال: (إِنَّ الْبَقَرَ تَشَابَهَ عَلَيْنَا) [سورة البقرة: ٧٠]، يعنون بذلك: تشابه علينا في الصفة، وإن اختلفت أنواعه. (٤)
* * *
(٢) المرجح عندي أن قوله: "فعل" زيادة من الناسخ.
(٣) انظر ما سلف ١: ٣٨٥-٣٩٤.
(٤) انظر ما سلف ٢: ٢٠٩-٢١١.