٧٠٢٣ - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن أبي معشر، عن محمد بن كعب قال: لو كان الله رخص لأحد في ترك الذكر، لرخَّص لزكريا حيث قال:"آيتك ألا تكلم الناس ثلاثة أيام إلا رمزًا واذكر ربك كثيرًا"، أيضًا.
* * *
وأما قوله:"وسبح بالعشي"، فإنه يعني: عَظِّم ربك بعبادته بالعشي.
* * *
و"العَشيّ" من حين تزُول الشمس إلى أن تغيب، كما قال الشاعر: (١)

فَلا الظِّلَّ مِنْ بَرْدِ الضُّحَى تَسْتَطِيعَهُ، وَلا الفَيْءَ مِنْ بَرْدِ العَشِيِّ تَذُوقُ (٢)
فالفيء، إنما تبتدئ أوْبته عند زوال الشمس، وَيتناهى بمغيبها.
* * *
(١) هو حميد بن ثور الهلالي.
(٢) ديوانه: ٤٠، وهو من قصيدته الجيدة التي قالها، لما تقدم عمر بن الخطاب إلى الشعراء، أن لا يشبب أحد بامرأة إلا جلده، فخرج من عقوبة عمر بأن ذكر"سرحة" وسماها"سرحة مالك" فشكا أهلها إلى عمر، فقال لهم: وَمَا لِيَ من ذَنْبٍ إِلَيْهِمْ عَلِمْتُهُ... سِوَى أنّني قَدْ قُلْتُ: "يَا سَرْحَةُ اسْلَمِى"
فكان رحمه الله خفيف الدم (كما يقول المصريون). أما الأبيات التي منها البيت المستشهد به، فإنه ذكر السرحة واستسقى لها، ووصفها واستجاد لصفتها مكارم الصفات، ثم قال:
تجرَّمَ أهْلُوهَا، لأَنْ كُنْتُ مُشْعَرًا جُنُونًا بها!! يا طُولَ هذَا التَجَرُّمِ!
بَلَى، فاسلِمي، ثُمَّ اسْلَمِي، ثُمَّتَ اسلمي، ثَلاَثَ تَحِيَّاتٍ، وإن لم تَكَلَّمي
فَيَا طِيبَ رَيَّاهَا، وَيَا بَرْدَ ظِلِّهَا إذَا حَانَ من حَامي النّهارِ وُدُوقُ
وهَلْ أنا إنْ عَلَّلْتُ نَفْسِي بِسَرْحةٍ من السَّرْحِ، مَسدُودٌ عَلَيَّ طريقُ
حَمَى ظِلَّهَا شَكْسُ الخَلِيقَةِ، خَائِفٌ عَلَيْهَا غَرَامَ الطَّائِفينَ، شَفِيقُ
فَلاَ الظِلَّ مِنْهَا بالضُّحَى تَسْتَطِيعُه وَلاَ الفَيْءَ مِنْهَا بالعَشِيّ تَذُوقُ
مع اختلاف الروايتين كما ترى.


الصفحة التالية
Icon