فقالوا:"نعوذ الله"! ثم دعاهم فقالوا:"نعوذ بالله"! مرارًا قال: فَإن أبيتم فأسلموا ولكم ما للمسلمين وعليكم ما على المسلمين كما قال الله عز وجل، فإن أبيتم فأعطوا الجزية عن يد وأنتم صاغرون كما قال الله عز وجل. قالوا: ما نملك إلا أنفسنا! قال: فإن أبيتم فإني أنبذ إليكم على سواء كما قال الله عز وجل. قالوا: ما لنا طاقة بحرب العرب، ولكن نؤدّي الجزية. قال: فجعل عليهم في كل سنة ألفي حلة، ألفًا في رجب، وألفًا في صفر. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لقد أتاني البشير بهلكه أهل نجران، (١) حتى الطير على الشجر = أو: العصافيرُ على الشجر = لو تمُّوا على الملاعنة. (٢)
= حدثنا ابن حميد قال، حدثنا جرير قال: فقلت للمغيرة: إن الناس يروُون في حديث أهل نجران أن عليًّا كان معهم! فقال: أما الشعبي فلم يذكره، فلا أدري لسوء رأي بني أمية في عليّ، أو لم يكن في الحديث! (٣)
٧١٨١ - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عن محمد بن جعفر بن الزبير:"إنّ هذا لهو القصص الحق" إلى قوله:"فقولوا اشهدُوا بأنا مسلمون"، فدعاهم إلى النَّصَف، (٤) وقطع عنهم الحجة. فلما أتى رسول الله ﷺ الخبرُ من الله عنه، والفصلُ من القضاء بينه وبينهم، وأمره بما أمره به من ملاعنتهم، إنْ ردُّوا عليه = (٥) دعاهم إلى ذلك، فقالوا: يا أبا القاسم، دعنا ننظر في أمرنا، ثم نأتيك بما نُريد أن نفعل فيما دعوتنا إليه. فانصرفوا عنه، ثم خلوا بالعاقب، وكان ذا رَأيهم، (٦) فقالوا: يا عبد المسيح، ما ترى؟ قال:
(٢) "تم على الشي" استمر عليه وأمضاه.
(٣) هذه الفقرة من تتمة الأثر السالف، فلذلك لم أفردها بالترقيم.
(٤) النصف والنصفة (كلاهما بفتحتين) : هو الإنصاف، وإعطاء الحق لصاحبك كالذي تستحق لنفسك.
(٥) في المخطوطة: "أو ردوا عليه"، وهو خطأ، والصواب ما في المطبوعة مطابقًا لسيرة ابن هشام، وفيها: "إن ردوا ذلك عليه".
(٦) "ذو رأيهم"، صاحب الرأي والتدبير، يستشار فيما يعرض لهم لعقله وحسن رأيه.