القول في تأويل قوله: ﴿يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ (١١٣) ﴾
قال أبو جعفر: يعني بقوله:"يتلون آيات الله"، يقرءون كتاب الله آناء الليل. ويعني بقوله:"آيات الله"، ما أنزل في كتابه من العبَر والمواعظ. يقول: يتلون ذلك آناء الليل، يقول: في ساعات الليل، فيتدبَّرونه ويتفكرون فيه.
* * *
وأما"آناء الليل"، فساعات الليل، واحدها"إنْيٌ"، كما قال الشاعر: (١)
حُلْوٌ وَمُرٌّ كَعَطْفِ القِدْحِ مِرَّتُهُ | فِي كُلِّ إِنْيٍ حذَاه اللَّيْلُ يَنْتَعِلُ (٢) |
(١) هو المتنخل الهذلي، ولكنه سيأتي في الطبري منسوبًا إلى"المنخل السعدي"، وهو خطأ حققته في موضعه بعد.
(٢) ديوان الهذليين ٢: ٣٥، ومجاز القرآن ١: ١٠٢، وسيرة ابن هشام ٢: ٢٠٦، واللسان"أنى"، وسيأتي من التفسير ١٦: ١٦٨ (بولاق)، من قصيدته في رثاء ابنه أثيلة، والبيت في صفة ولده، وقد رواه ابن الأنباري، كما جاء في اللسان:
وأما معنى البيت الذي رواه في التفسير، فإنه يعني بقوله: "حلو ومر"، أنه سهل لمن لاينه، صعب على من خاشنة. وقوله"كعطف القدح"، يريد أنه يطوى كما يطوى القدح ثم يعود إلى شدته واستقامته. والمرة: القوة والشدة. ورواية الديوان والطبري"حذاه الليل"، أي قطعه الليل حذاء، وهو شبيه في المعنى بقوله: "قضاه"، لأن معنى"قضاه": أي صنعه وقدره وفصله. وانتعل الليل: اتخذه نعلا، يعني سرى فيه، غير حافل بما يلقى. هذا، وقد كان في المطبوعة من التفسير: "قضاه الليل"، نقله ناشر من مكان غير التفسير، لأن في المخطوطة"حداه" غير منقوطة، فلم يعرف معناها، ولم يعرف صوابها فاستبدل بها ما أثبته من اللسان أو غيره.
(٢) ديوان الهذليين ٢: ٣٥، ومجاز القرآن ١: ١٠٢، وسيرة ابن هشام ٢: ٢٠٦، واللسان"أنى"، وسيأتي من التفسير ١٦: ١٦٨ (بولاق)، من قصيدته في رثاء ابنه أثيلة، والبيت في صفة ولده، وقد رواه ابن الأنباري، كما جاء في اللسان:
السَّالِكُ الثَّغْرَ مَخْشِيًّا مَوَارِدُهُ | بِكُلِّ إِنْيٍ قَضَاه اللَّيلُ يَنْتَعِلُ |
السَّالِكُ الثَّغْرَةَ اليَقْظَانَ كَالِئُهَا | مَشْىَ الهَلُوكِ عَلَيْها الخَيْعَلُ الفُضُلُ |