قال أبو جعفر: فهذه الأخبار التي ذكرنا بعضها عن رسول الله ﷺ أنه قال لأصحابه:"تسوَّموا فإن الملائكة قد تسوَّمت" وقول أبي أسيد:"خرجت الملائكة في عمائم صفر قد طرحوها بين أكتافهم"، وقول من قال منهم:"مسوِّمين" معلمين = ينبئ جميعُ ذلك عن صحة ما اخترنا من القراءة في ذلك، وأن التسويم كان من الملائكة بأنفسها، على نحو ما قلنا في ذلك فيما مضى.
* * *
وأما الذين قرأوا ذلك:"مسوَّمين"، بالفتح، فإنهم أراهم تأوَّلوا في ذلك ما:
٧٧٩١- حدثنا به حميد بن مسعدة قال، حدثنا يزيد بن زريع، عن عثمان بن غياث، عن عكرمة:"بخمسة آلاف من الملائكة مسوّمين"، يقول: عليهم سيما القتال.
٧٧٩٢- حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة:"بخمسة آلاف من الملائكة مسومين"، يقول: عليهم سيما القتال، وذلك يوم بدر، أمدهم الله بخمسة آلاف من الملائكة مسومين، يقول: عليهم سيما القتال.
* * *
=فقالوا: كان سيما القتال عليهم، لا أنهم كانوا تسوَّموا بسيما فيضاف إليهم التسويم، فمن أجل ذلك قرأوا:"مسوَّمين"، بمعنى أن الله تعالى أضاف التسويم إلى مَنْ سوَّمهم تلك السيما.
* * *
و"السيما" العلامة يقال:"هي سيما حسنة، وسيمياء حسنة"، كما قال الشاعر: (١)
غُلامٌ رَمَاهُ اللهُ بِالحُسْنِ يَافِعًا | لَهُ سِيمِياءُ لا تَشُقُّ عَلَى البَصَرْ (٢) |
(٢) سلف تخريجه وشرحه في ٥: ٥٩٤، ٥٩٥.