لأن الله تعالى ذكره إنما مدح الذين وصفهم بقيلهم:"حسبنا الله ونعم الوكيل"، لما قيل لهم:"إنّ الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم"، بعد الذي قد كان نالهم من القروح والكلوم بقوله:"الذين استجابوا لله والرسول من بعد ما أصابهم القرح"، ولم تكن هذه الصفة إلا صفة من تبع رسول الله ﷺ من جرحى أصحابه بأحد إلى حمراء الأسد.
وأما الذين خرجوا معه إلى غزوة بدر الصغرى، (١) فإنه لم يكن فيهم جريح إلا جريح قد تقادم اندمال جرحه وبرأ كلمُه. وذلك أن رسول الله ﷺ إنما خرج إلى بدر الخرجة الثانية إليها، لموعد أبي سفيان الذي كان واعده اللقاء بها، بعد سنة من غزوة أحد، في شعبان سنة أربع من الهجرة. وذلك أن وقعة أحد كانت في النصف من شوال من سنة ثلاث، وخروج النبي ﷺ لغزوة بدر الصغرى إليها في شعبان من سنة أربع، ولم يكن للنبيّ ﷺ بين ذلك وقعة مع المشركين كانت بينهم فيها حرب جرح فيها أصحابه، ولكن قد كان قتل في وقعة الرَّجيع من أصحابه جماعة لم يشهد أحد منهم غزوة بدر الصغرى. وكانت وقعة الرَّجيع فيما بين وقعة أحد وغزوة النبي ﷺ بدرًا الصغرى.
* * *