إلا في ضرورة شعر، وذلك لضيق الشعر. (١) وأما الكلام، فلا شيء يضطر المتكلم إلى اختيار المكروه من المنطق، والرديء في الإعراب منه. ومما جاء في الشعر من ردّ ظاهر على مكنيّ في حال الخفض، قول الشاعر: (٢)

نُعَلِّقُ فِي مِثْلِ السَّوَارِي سُيُوفَنَا وَمَا بَيْنَهَا والكَعْبِ غُوطٌ نَفَانِفُ (٣)
فعطف بـ"الكعب" وهو ظاهر، على"الهاء والألف" في قوله:"بينها" وهي مكنية.
* * *
وقال آخرون: تأويل ذلك:"واتقوا الله الذي تساءلون به، واتقوا الأرحام أن تقطعوها.
(١) هذه مقالة الفراء في معاني القرآن ١: ٢٥٢، ٢٥٣، وقد ذكر هذه القراءة بإسنادها إلى إبراهيم بن يزيد النخعي، وهي قراءة حمزة وغيره.
(٢) هو مسكين الدارمي.
(٣) معاني القرآن للفراء ١: ٢٥٣، الحيوان ٦: ٤٩٣، ٤٩٤، الإنصاف: ١٩٣، الخزانة، ٢: ٣٣٨، العيني (بهامش الخزانة) ٤: ١٦٤، وهو من أبيات ذكرها الجاحظ، وأتمها العيني، يمجد نفسه وقومه، قال:
لَقَدْ عَلِمَتْ قَيْسٌ وَخِنْدِفُ أنَّني بِثَغْرِهِمُ مِنْ عَارِمِ النَّاسِ وَاقِفُ
وَقَدْ عَلِمُوا أَنْ لَنْ يُبقَّى عَدُوُّهُمْ إِذَا قَذَفَتْه في يَدَيّ القَوَاذِفُ
وأنَّ أبَانَا بِكرُ آدَمَ، فَاعْلَمُوا، وَحَوَّاءَ، قَرْمٌ ذُو عَثَانينَ شَارِفُ
كَأَنَّ عَلَى خُرْطُومِهِ مُتَهافِتًا مِنَ القُطْنِ هَاجَتْهُ الأكُفُ النَّوَادِفُ
وَللَصَّدَأُ المُسْوَدُّ أَطْيبُ عِنْدَنَا مِنَ المِسْكِ، دَافَتْهُ الأَكُفُّ الدَّوَائِفُ
تُعَلَّقُ في مِثْلِ السَّوَارِي سُيُوفُنَا وما بَيْنَها والكَعْبِ غُوطٌ نفانِفُ
وَتَضْحَكُ عِرْفَانَ الدرُوع جُلُودُنَا إِذَا جَاء يَوْمٌ مُظْلِمُ اللَّوْن كاسِفُ
في أبيات أخر، ورواية الحيوان: "والكعب منا تنائف"، وفي الطبري ومعاني القرآن والخزانة"نعلق" بالنون، وكلتاهما صواب. و"السواري" جمع سارية، وهي الأسطوانة. و"الغوط" جمع غائط، وهو المطمئن من الأرض. و"النفانف" جمع نفنف: وهو الهواء بين شيئين، وكل شيء بينه وبين الأرض مهوي بعيد فهو نفنف.


الصفحة التالية
Icon