فتأخذوا رفائعها وخيارَها وجيادَها. بالطيب الحلال لكم من أموالكم= [أي لا تأخذوا] الرديء الخسيس بدلا منه. (١)
وذلك أنّ"تبدل الشيء بالشيء" في كلام العرب: أخذ شيء مكان آخر غيره، يعطيه المأخوذ منه أو يجعله مكان الذي أخذ. (٢)
* * *
فإذْ كان ذلك معنى"التبدل" و"الاستبدال"، (٣) فمعلوم أنّ الذي قاله ابن زيد= من أن معنى ذلك: هو أخذ أكبرِ ولد الميت جميع مال ميِّته ووالده، دون صغارهم، إلى ماله- قولٌ لا معنى له. لأنه إذا أخذ الأكبر من ولده جميع ماله دون الأصاغر منهم، فلم يستبدل مما أخذ شيئًا. فما"التبدل" الذي قال جل ثناؤه:"ولا تتبدلوا الخبيث بالطيب"، ولم يتبدَّل الآخذ مكان المأخوذ بدلا؟
* * *
وأما الذي قاله مجاهد وأبو صالح من أن معنى ذلك: لا تتعجل الرزق الحرام قبل مجيء الحلال= فإنهما أيضًا، إن لم يكونا أرادا بذلك نحو القول الذي روي عن ابن مسعود أنه قال:"إن الرجل ليحرم الرزق بالمعصية يأتيها"، ففساده نظير فساد قول ابن زيد. لأن من استعجل الحرام فأكله، ثم آتاه الله رزقه الحلال، فلم يبدِّل شيئًا مكان شيء. وإن كانا قد أرادا بذلك، (٤) أن الله جل ثناؤه نهى عباده أن يستعجلوا الحرام فيأكلوه قبل مجيء الحلال، فيكون أكلُهم ذلك

(١) هذا الذي زدته بين القوسين، استظهار من تأويله الآتي. والجملة بغير هذه الزيادة لا تكاد تستقيم.
ثم انظر تفسير"الخبيث" فيما سلف ٥: ٥٥٩ / ٧: ٤٢٤ = وتفسير"الطيب" فيما سلف ٣: ٣٠١ / ٥: ٥٥٥ / ٦: ٣٦١ / ٧: ٤٢٤.
(٢) انظر تفسير"تبدل" و"استبدل" فيما سلف ٢: ١١٢، ١٣٠، ٤٩٤.
(٣) في المطبوعة: "التبديل"، وأثبت الصواب من المخطوطة.
(٤) في المطبوعة: "وإن كانا أراد بذلك" بحذف"قد" وفي المخطوطة: "وإن كان قال أراد بذلك" وهو فساد من عجلة الناسخ، ولكن صواب قراءتها ما أثبت.


الصفحة التالية
Icon