وقال بعض نحويي الكوفة: جائز في"النفس" في هذا الموضع الجمع والتوحيد،"فإن طبن لكم عن شيء منه نفسًا" و"أنفسًا"، و"ضقت به ذراعًا" و"ذَرْعًا" و"أذْرُعًا"، لأنه منسوب إليك وإلى من تخبر عنه، فاكتفى بالواحد عن الجمع لذلك، ولم يذهب الوهم إلى أنه ليس بمعنى جمع، لأن قبله جمعًا.
* * *
قال أبو جعفر: والصواب من القول في ذلك عندنا، أن"النفس" وقع موقع الأسماء التي تأتي بلفظ الواحد، مؤدِّيةً معناه إذا ذكر بلفظ الواحد، وأنه بمعنى الجمع عن الجميع.
* * *
وأما قوله:"هنيئًا"، فإنه مأخوذ من:"هنأت البعير بالقَطِران"، إذا جَرِب فعُولج به، كما قال الشاعر: (١)
مُتَبَذِّلا تَبْدُو مَحَاسِنُهُ | يَضَعُ الهِنَاء مَوَاضِعَ النُّقْبِ (٢) |
(١) هو دريد بن الصمة.
(٢) الشعر والشعراء ٣٠٢، والأغاني ١٠: ٢٢، واللسان (نقب)، وغيرها، من أبياته التي قالها حين مر بالخنساء بنت عمرو بن الشريد، وهي تهنأ بعيرًا لها، وقد تبذلت حتى فرغت منه، ثم نضت عنها ثيابها فاغتسلت، ودريد يراها وهي لا تشعر به، فأعجبته، فانصرف إلى رحله يقول:
ثم خطبها إلى أبيها فردته، فهجاها، وزعم أنها ردته لأنه شيخ كبير، فقيل للخنساء: ألا تجيبينه؟ فقالت: لا أجمع عليه أن أرده وأهجوه. و"النقب": (بضم النون وسكون القاف) و"النقب" (بضم ففتح) جمع نقبة: أول الجرب حين يبدو.
(٢) الشعر والشعراء ٣٠٢، والأغاني ١٠: ٢٢، واللسان (نقب)، وغيرها، من أبياته التي قالها حين مر بالخنساء بنت عمرو بن الشريد، وهي تهنأ بعيرًا لها، وقد تبذلت حتى فرغت منه، ثم نضت عنها ثيابها فاغتسلت، ودريد يراها وهي لا تشعر به، فأعجبته، فانصرف إلى رحله يقول:
حَيُّوا تُمَاضِرَ وَارْبعُوا صَحْبى | وَقِفُوا، فَإِنَّ وُقُوفَكُمْ حَسْبى |
أَخُنَاسَ، قَدْ هَامَ الفُؤَادُ بكُمْ | وأصابَهُ تَبْلٌ مِنَ الحُبِّ |
مَا إِنْ رَأَيْتُ وَلا سَمِعْتُ بِه | كاليَوْمَ طَالِيَ أَيْنقٍ جُرْبِ |
مُتَحَسِّرًا نَضَحَ الهِنَاءُ بِه | نَضْحَ العَبِيرِ برَيْطَةِ العَصْبِ |