قالوا: وقوله:"إلا قليلا"، خرج مخرج الاستثناء في اللفظ، وهو دليل على الجميع والإحاطة، وأنه لولا فضل الله عليهم ورحمته لم ينج أحدٌ من الضلالة، فجعل قوله:"إلا قليلا"، دليلا على الإحاطة، (١) واستشهدوا على ذلك بقول الطرِمّاح بن حكيم، في مدح يزيد بن المهلب:
أَشَمُّ كَثِيرُ يُدِيِّ النَّوَالِ، | قَلِيلُ المَثَالِبِ وَالقَادِحَةْ (٢) |
* * *
قال أبو جعفر: وأولى هذه الأقوال بالصواب في ذلك عندي، قولُ من قال: عنى باستثناء"القليل" من"الإذاعة"، وقال: معنى الكلام: وإذا جاءهم أمرٌ من الأمن أو الخوف أذاعوا به إلا قليلا ولو ردوه إلى الرسول.
* * *
وإنما قلنا إن ذلك أولى بالصواب، لأنه لا يخلو القولُ في ذلك من أحد الأقوال التي ذكرنا، وغير جائز أن يكون من قوله:"لاتبعتم الشيطان"، لأن من تفضل الله عليه بفضله ورحمته، فغير جائز أن يكون من تُبَّاع الشيطان.
* * *
(١) انظر ما قاله في معنى"القليل" فيما سلف ٢: ٣٣١ / ٨: ٤٣٩، وما كتبته في الجزء الأول: ٥٥٤، تعليق: ١.
(٢) ديوانه: ١٣٩."الأشم": السيد ذو الأنفة والكبرياء، من"الشمم" وهو ارتفاع في قصبة الأنف، مع استواء أعلاه، وإشراف الأرنبة قليلا. وهو من صفات الكرم والعتق. وقوله"يدي" (بضم الياء وكسر الدال، والياء المشددة) أو (بفتح الياء وكسر الدال وتشديد الياء)، جمع"يد" الأول جمعها على وزن"فعول"، مثل فلس وفلوس، والثاني جمعها على وزن"فعيل" مثل عبد وعبيد. كأنه قال: كثير أيدي النوال. وفي ديوانه: "يدي" بفتح الياء والدال وهو خطأ. وفي المخطوطة: "برى النوادي"، وهو خطأ لا معنى له. و"المثالب" جمع"مثلبة"، وهي العيوب الجارحة. و"القادحة" يعني بها: العيوب التي تقدح في أصله وخلائقه، سماها بالقادحة، وهي الدودة التي تأكل الأسنان، أو الأشجار، ووضعها اسما للجمع.
(٢) ديوانه: ١٣٩."الأشم": السيد ذو الأنفة والكبرياء، من"الشمم" وهو ارتفاع في قصبة الأنف، مع استواء أعلاه، وإشراف الأرنبة قليلا. وهو من صفات الكرم والعتق. وقوله"يدي" (بضم الياء وكسر الدال، والياء المشددة) أو (بفتح الياء وكسر الدال وتشديد الياء)، جمع"يد" الأول جمعها على وزن"فعول"، مثل فلس وفلوس، والثاني جمعها على وزن"فعيل" مثل عبد وعبيد. كأنه قال: كثير أيدي النوال. وفي ديوانه: "يدي" بفتح الياء والدال وهو خطأ. وفي المخطوطة: "برى النوادي"، وهو خطأ لا معنى له. و"المثالب" جمع"مثلبة"، وهي العيوب الجارحة. و"القادحة" يعني بها: العيوب التي تقدح في أصله وخلائقه، سماها بالقادحة، وهي الدودة التي تأكل الأسنان، أو الأشجار، ووضعها اسما للجمع.