وأما"الشهر الحرام" الذي عناه الله بقوله:"ولا الشهر الحرام"، فرجب مُضَر، وهو شهر كانت مضر تحرِّم فيه القتال.
* * *
وقد قيل: هو في هذا الموضع"ذو القعدة".
*ذكر من قال ذلك:
١٠٩٤٧- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثنا حجاج، عن ابن جريج، عن عكرمة قال: هو ذو القعدة.
* * *
وقد بينا الدلالة على صحة ما قلنا في ذلك فيما مضى، وذلك في تأويل قوله:"يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه". (١)
* * *
القول في تأويل قوله: ﴿وَلا الْهَدْيَ وَلا الْقَلائِدَ﴾
قال أبو جعفر:"أما الهدي"، فهو ما أهداه المرء من بعيرٍ أو بقرة أو شاة أو غير ذلك، إلى بيت الله، تقرُّبا به إلى الله، وطلبَ ثوابه. (٢)
* * *
يقول الله عز وجل: فلا تستحلوا ذلك، فتغصبوه أهله غَلَبةً (٣) ولا تحولوا بينهم وبين ما أهدوا من ذلك أن يبلُغوا به المحِلَّ الذي جعله الله جل وعزّ مَحِلَّه من كعبته.

(١) انظر ما سلف في"الشهر الحرام" ٤: ٢٢٩، ٣٠٠، وما بعدها، وهو الموضع الذي ذكره، ثم قبله ٣: ٥٧٥-٥٧٩. وتفسير"الشهر" فيما سلف ٣: ٤٤٠.
(٢) انظر تفسير"الهدي" فيما سلف ٤: ٢٤، ٢٥.
(٣) في المطبوعة: "فتغصبوا أهله عليه"، وفي المخطوطة كما كتبتها، إلا أن كتب"عليه" بالياء، ووضع فتحة على العين، وفتحة على اللام، وظاهر أن"الياء" إنما هي"باء"، وأن الناسخ لما رآها مضبوطة في النسخة الأم نقل الشكل، ووضع الإعجام من عند نفسه. هذا وصواب الكلام يقتضي أيضًا ما أثبت.


الصفحة التالية
Icon