فبايعه وأسلم. فلما ولى خارجًا، نظر إليه فقال لمن عنده: لقد دخل عليّ بوجهٍ فاجرٍ، وولّى بقفا غادرٍ! فلما قدم اليمامة ارتدَّ عن الإسلام، وخرج في عير له تحمل الطعام في ذي القعدة يريد مكة. فلما سمع به أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، تهيَّأ للخروج إليه نفر من المهاجرين والأنصار ليقتطعوه في عِيره، فأنزل الله عز وجل:"يا أيها الذين آمنوا لا تحلوا شعائر الله"، الآية، فانتهى القوم.
= قال ابن جريج قوله:"ولا آمين البيت الحرام"، قال: ينهى عن الحجاج أن تُقطع سبلهم. قال: وذلك أن الحطم قدِم على النبي ﷺ ليرتاد وينظر، فقال: إني داعية قوم (١) فاعرض عليّ ما تقول. قال له: أدعوك إلى الله أن تعبده ولا تشرك به شيئًا، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم شهر رمضان، وتحج البيت. قال الحطم: في أمرك هذا غلظة، أرجع إلى قومي فأذكر لهم ما ذكرت، فإن قبلوه أقبلتُ معهم، وإن أدبروا كنت معهم. قال له: ارجع. فلما خرج قال: لقد دخل عليّ بوجه كافرٍ، وخرج من عندي بعَقِبَى غادر، وما الرجل بمسلم! فمرَّ على سَرْح لأهل المدينة فانطلق به، فطلبه أصحابُ رسول الله ﷺ ففاتهم، وقدم اليمامة، وحضر الحج، فجهّز خارجًا، وكان عظيم التجارة، فاستأذنوا أن يتلقَّوه ويأخذوا ما معه، فأنزل الله عز وجل:"لا تحلّوا شعائر الله ولا الشهر الحرام ولا الهدي ولا القلائد ولا آمين البيت الحرام".
١٠٩٦٠- حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله:"ولا آمين البيت الحرام" الآية، قال: هذا يوم الفتح، جاء ناسٌ يؤمُّون البيت من المشركين يُهِلُّون بعمرة، فقال المسلمون: يا رسول الله، إنما هؤلاء مشركون كمثل هؤلاء (٢) فلن ندعهم إلا أن نغير عليهم. فنزل القرآن:"ولا آمين البيت الحرام".
١٠٩٦١- حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي
(٢) في المطبوعة: "فمثل هؤلاء"، وصواب قراءتها من المخطوطة، كما أثبت.