القول في تأويل قوله: ﴿وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ﴾
قال أبو جعفر: يعني جل ثناؤه بقوله:"ولا يجرمنكم"، ولا يحملنكم، كما:-
١٠٩٩٠- حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية بن صالح، عن علي، عن ابن عباس قوله:"ولا يجرمنكم شنآن قوم"، يقول: لا يحملنكم شنآن قوم.
١٠٩٩١- حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله:"ولا يجرمنكم شنآن قوم"، أي: لا يحملنكم.
* * *
وأما أهل المعرفة باللغة فإنهم اختلفوا في تأويلها.
فقال بعض البصريين: معنى قوله:"ولا يجرمنكم"، لا يُحِقَّنَّ لكم، لأن قوله: (لا جَرَمَ أَنَّ لَهُمُ النَّارَ) [سورة النحل: ٦٢]، هو: حقٌّ أن لهم النار. (١)
* * *
وقال بعض الكوفيين: معناه: لا يحملنَّكم. وقال: يقال:"جرمني فلان على أن صنعت كذا وكذا"، أي: حملني عليه.
* * *
واحتج جميعهم ببيت الشاعر: (٢)
وَلَقَدْ طَعَنْتَ أَبَا عُيَيْنَةَ طَعْنَةً | جَرَمَتْ فَزَارَةُ بَعْدَهَا أَنْ يَغْضَبُوا (٣) |
(٢) هو أبو أسماء بن الضّريبة. ويقال: هو لعطية بن عفيف، ونسبه سيبوبه للفزاري مجهلا.
(٣) سيبويه ١: ٤٦٩، مجاز القرآن لأبي عبيدة ١: ١٤٧، مشكل القرآن: ٤١٨، والفاخر: ٢٠٠، الجواليقي: ١٦٣، البطليوسي: ٣١٣، الخزانة ٤: ٣١٠، اللسان (جرم). وسبب الشعر أن كرزًا العقيلي، قتل أبا عيينة حصن بن حذيفة بن بدر الفزاري يوم حاجر، فلما قتل كرز، قال الشاعر يرثيه ويخاطبه:
يَا كُرزُ، إنَّكَ قَدْ قُتِلْتَ بِفَارِسٍ | بَطَلٍ إذَا هَابَ الكُمَاةُ وَجَبَّبُوا |
يَا كُرْزُ إنَّكَ قد فَتَكْتَ بِفَارِسٍ | بَطَلٍ إذَا هَابَ الكُمَاةُ مُجَرَّبِ |