واختلفت القرأة في قراءة ذلك.
فقرأته عامة قرأة الأمصار: (وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ) بفتح"الياء" من:"جَرَمْتُه أجْرِمُه".
* * *
وقرأ ذلك بعض قرأة الكوفيين (١) وهو يحيى بين وثّاب، والأعمش: ما:-
١٠٩٩٢- حدثنا ابن حميد وابن وكيع قالا حدثنا جرير، عن الأعمش أنه قرأ: (وَلا يُجْرِمَنَّكُمْ) مرتفعة"الياء"، من:"أجرمته أجرمه، وهو يُجْرِمني".
* * *
قال أبو جعفر: والذي هو أولى بالصواب من القراءتين، قراءة من قرأ ذلك: (وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ) بفتح"الياء"، لاستفاضة القراءة بذلك في قرأة الأمصار، وشذوذ ما خالفها، وأنها اللغة المعروفة السائرة في العرب، وإن كان مسموعًا من بعضها:"أجرم يُجْرم" على شذوذه. وقراءة القرآن بأفصح اللغات، أولى وأحق منها بغير ذلك. ومن لغة من قال"جَرَمْتُ"، قول الشاعر: (٢)
يَا أَيُّهَا المُشْتَكِي عُكْلا وَمَا جَرَمَتْ | إلى القَبَائِلِ مِنْ قَتْلٍ، وإبْآسُ (٣) |
(٢) ينسب للفرزدق، وليس في ديوانه.
(٣) مجالس ثعلب: ٤٩، ٥٠، والأضداد لابن الأنباري: ٨٥، والبيت مرفوع القافية وبعد البيت:
إنّا كَذَاكَ، إذَا كانَتْ هَمَرَّجَةٌ | نَسْبِي ونَقْتُلُ حَتَّى يُسْلِمَ النَّاسُ |
ثم قال أبو العباس ثعلب: "وإنما رفعه، لأن الفعل لم يظهر بعده، كما تقول: ضربت زيدًا وعمرو = لم يظهر الفعل فرفعت، وكما تقول: ضربت زيدًا وعمرو مضروب".