فتأويل الكلام على مذهبه: وحرمت عليكم الميتة نطاحًا، كأنه عنى: وحرمت عليكم الناطحة التي تموت من نِطاحها.
* * *
وقال بعض نحويي الكوفة: إنما تحذف العرب"الهاء" من"الفعيلة" المصروفة عن"المفعول"، إذا جعلتها صفة لاسم قد تقدَّمها، فتقول:"رأينا كفًّا خضيبًا، وعينًا كحيلا"، فأما إذا حذفت"الكف" و"العين" والاسم الذي يكون"فعيل" نعتًا لها، واجتزأوا بـ "فعيل" منها، أثبتوا فيه هاء التأنيث، ليعلم بثبوتها فيه أنها صفة للمؤنث دون المذكر، فتقول:"رأينا كحيلةً وخضيبة" و"أكيلة السبع". قالوا: ولذلك أدخلت"الهاء" في"النطيحة"، لأنها صفة المؤنث، ولو أسقطت منها لم يُدْرَ أهي صفة مؤنث أو مذكر.
* * *
وهذا القول هو أولى القولين في ذلك بالصواب، لشائع أقوال أهل التأويل (١) بأن معنى:"النطيحة"، المنطوحة.
*ذكر من قال ذلك:
١١٠٢١- حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله قال، حدثني معاوية، عن علي، عن أبي عباس قوله:"والنطيحة"، قال: الشاة تنطح الشاة.
١١٠٢٢- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبو أحمد الزبيري، عن قيس، عن أبي إسحاق، عن أبي ميسرة قال: كان يقرأ: (وَالمَنْطُوحَةُ).
١١٠٢٣- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبو خالد الأحمر، عن جويبر، عن الضحاك:"والنطيحة"، الشاتان ينتطحان فيموتان.
١١٠٢٤- حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي:"والنطيحة"، هي التي تنطحها الغنم والبقر فتموت.

(١) في المطبوعة: "بالصواب الشائع من أقوال أهل التأويل"، وهو عبث وتغيير فاسد، والصواب من المخطوطة. وانظر شبيهة هذه العبارة فيما سلف ص: ٤٨٦ سطر: ١١، "لشائع تأويل أهل التأويل"، وهذا التعبير، هو الثاني فيما مر عليّ من تفسير أبي جعفر فيما سلف.


الصفحة التالية
Icon