الأسباب والمواد، ولكن له في الإنشاء مدرجاً من حال إلى حال صنائع وحكماً يجدد فيها لأولي الأبصار عبراً وسكوناً إلى عظيم قدرته ليس ذلك في إيجادها دفعة (فلا تجعلوا لله أنداداً) جمع ند وهو المثل والنظير، وفي جعله جمع نديد نظر (وأنتم تعلمون) بعقولكم أن هذه الأشياء والأمثال لا يصح جعلها أنداداً لله وأنه واحد خالق لجميع الأشياء وإنه لا مثل له ولا ند ولا ضد، وفي الآية دليل على وجوب استعمال الحجج وترك التقليد.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد والبخاري في الأدب المفرد والنسائي وابن ماجة وأبو نعيم في الحلية عن ابن عباس قال: قال رجل للنبي - ﷺ - ما شاء الله وشئت قال " جعلتني لله نداً (١). ما شاء الله وحده " وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجة والبيهقي عن حذيفة قال: قال رسول الله - ﷺ - لا تقولوا ما شاء الله وشاء فلان قولوا ما شاء الله ثم شاء فلان " وأخرج البخاري ومسلم عن ابن مسعود قال: قلت يا رسول الله أي الذنب أعظم؟ قال " أن تجعل لله نداً وهو خلقك ".
_________
(١) وقد روى مسلم عن عبد الله قال: سألت رسول الله ﷺ أي الذنب أعظم عند الله؛ قال: " أن تجعل لله نداً وهو خلقك " قال قلت له: إن ذلك لعظيم، قال قلت: ثم أي؟ قال: ثم أن تقتل ولدك مخافة أن يطعم معك (أي يأكل) قال قلت: ثم أي قال ثم أن تزاني حليلة جارك.
وفي رواية: قال: أن تدعو لله نداً وقد خلقك.
قال ابن حجر في الفتح:... ولا ينسب شيء في الخلق لغير الله تعالى فيكون شريكاً ونداً ومساوياً له في نسبه الفعل اليه، وقد نبه الله تعالى عباده على ذلك بالآيات المذكورة وغيرها المصرحة بنفي الانداد والآلهة المدعوة معه، فتضمنت الرد على ما يزعم أنه يخلق أفعاله، ومنها ما حذر به المؤمنين أو أثنى عليهم، ومنها ما وبخ به الكافرين وحديث الباب (المذكور) ظاهر في ذلك.
(وإن كنتم في ريب) أي شك لأن الله عليم بأنهم شاكون (مما نزلنا على عبدنا) أن القرآن أنزله على محمد- ﷺ - وفيه التفات من الغيبة إلى التكلم