يتأتى الرقي إلى مدارجهم المنيعة، لعلو شأنهم ونهاية الاعضال، وصعوبة مرامهم وعزة المنال، فهم شموس الهدى على فلك السعادة، وبدور الدجى لهم الحسنى وزيادة. وعلى من تبعهم بالإحسان، صلاة وسلاماً دائمين ما تناوب النيران وتعاقب الملوان.
(وبعد) فيقول الفقير إلى مولاه الغني به عمن سواه، عبده وابن أمته وعبده (أبو الطيب صديق بن حسن بن علي القنوجي) أصلح الله حاله ومآله قبل أن يخرج الأمر من يده:
إن أعظم العلوم مقداراً، وأرفعها شرفاً ومناراً، وأعلاها على الإطلاق، وأولاها تفضيلاً بالاستحقاق، وأساس قواعد الشرائع والعلوم، ومقياس ضوابط المنطوق والمفهوم، ورأس الملل الإسلامية وأسها، وأصل النحل الايمانية وأستقصها، وأعز ما يرغب فيه ويعرج عليه، وأهم ما تناخ مطايا الطلب لديه، هو علم التفسير لكلام العزيز القدير، لكونه أوثق العلوم بنياناً، وأصدقها قيلاً وأحسنها تبياناً، وأكرمها نتاجاً، وأنورها سراجاً، وأصحها حجة ودليلاً، وأوضحها محجة وسبيلاً، وقد حاموا جميعاً حول طلابه، وراموا طريقاً إلى جنابه، والتمسوا مصباحاً على قبابه، ومفتاحاً إلى فتح بابه.
وهو علم باحث عن نظم نصوص القرآن، وآيات سور الفرقان بحسب الطاقة البشرية وبوفق ما تقتضيه القواعد العربية، قال الفناري: الأولى أن يقال: علم التفسير معرفة أحوال كلام الله سبحانه وتعالى من حيث القرآنية، ومن حيث دلالته على ما يعلم أو يظن أنه مراد الله تعالى بقدر الطاقة الإنسانية انتهى، وهذا يتناول أقسام البيان بأسرها، ولا يرد عليه ما يرد على سائر الحدود، ومباديه العلوم اللغوية وأصول التوحيد وأصول الفقه وغير ذلك من العلوم الجمة.
والغرض منه معرفة معاني النظم ومعرفة الأحكام الشرعية العملية، وفائدته حصول القدرة على استنباط الأحكام الشرعية على وجه الصحة وموضوعه كلام الله سبحانه الذي هو منبع كل حكمة ومعدل كل فصلة وغايته التوصل إلى فهم معاني القرآن واستنباط حكمه ليفوز به إلى السعادة الدنيوية