بقدرة الله (من تحتها) أي تحت الجنات لاشتمالها على الأشجار أي من تحت أشجارها، قال مسروق إنها تجري من غير أخدود (الأنهار) جمع نهر وهو المجرى الواسع فوق الجدول ودون البحر كالنيل والفرات، والمراد الماء الذي يجري فيها لأن الأنهار لا تجري، واسند الجري إليها مجازاً فالجاري حقيقة هو الماء كما في قوله تعالى (واسأل القرية التي كنا فيها) أي أهلها، والنهر يجوز فيه فتح الهاء وسكونها وكذا كل ما عينه حرف حلقي، وجمع الأول أنهر، وجمع الآخر أنهار، وأخرج ابن أبي حاتم وابن حبان والطبراني والحاكم وابن مردويه والبيهقي في البعث عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ﷺ " أنهار الجنة تفجر من تحت جبال مسك ".
(كلما رزقوا منها من ثمرة رزقاً) أي أطعموا من الجنة طعاماً والمراد بثمرة النوع لا الفرد قاله سعد التفتازاني، وأطال الكلام فيه (قالوا هذا الذي رزقنا من قبل) في الدنيا (وأتوا به متشابها) وصف آخر للجنات أو جملة مستأنفة والمراد أنه شبيهه ونظيره لا أنه هو، لأن ذات الحاضر لا يكون عين ذات الغائب لاختلافهما، وذلك أن اللون يشبه اللون وإن كان الحجم والطعم والرائحة والمأدبة متخالفة والضمير في " به " عائد إلى الرزق وقيل المراد أنهم أتوا بما يرزقونه في الجنة متشابهاً فما يأتيهم في أول النهار يشابه الذي يأتيهم في آخره فيقولون هذا الذي رزقنا من قبل، فإذا أكلوا وجدوا له طعماً غير طعم الأول، عن ابن عباس ليس في الدنيا مما في الجنة شيء إلا الأسماء، وعن الحسن في قوله (متشابهاً) قال خيار كله يشبه بعضه بعضاً لا رذال فيه ألم تروا إلى ثمار الدنيا كيف ترذلون بعضه.
وعن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله - ﷺ -: " أهل الجنة يأكلون ويشربون ولا يبولون ولا يتغوطون ولا يمتخطون ولا يبزقون، يلهمون الحمد والتسبيح كما يلهمون النفس، طعامهم جشاء، ورشحهم كرشح المسك، وفي لفظ ورشحهم المسك " أخرجه مسلم، والمعنى أن فضول طعامهم يخرج في الجشاء وهو تنفس المعدة، والرشح العرق.


الصفحة التالية
Icon