فينبتون نبات الحبة في حميل السيل " وهو في الصحيح من حديث أبي سعيد.
(ثم إليه ترجعون) أي تردون في الآخرة إلى الله سبحانه فيجازيكم بأعمالكم، قال في الكشاف عطف الأول بالفاء وما بعده بثم، لأن الاحياء الأول قد تعقب الموت بغير تراخ، وأما الموت فقد تراخى عن الإحياء، والإحياء الثاني كذلك متراخ عن الموت إن أريد به النشور تراخياً ظاهراً، وإن أريد به إحياء القبر فمنه يكتسب العلم بتراخيه، والرجوع إلى الجزاء أيضاً متراخ عن النشور، انتهى.
ولا يخفاك أنه إن أراد بقوله إن الإحياء الأول قد تعقب الموت أنه وقع على ما هو متصف بالموت فالموت الآخر وقع على ما هو متصف بالحياة وإن أراد أنه وقع الإحياء الأول عند أول اتصافه بالموت بخلاف الثاني فغير مسلم فإنه وقع عند آخر أوقات موته كما وقع الثاني عند آخر أوقات حياته، فتأمل هذا، وقد أخرج ابن جرير عن ابن مسعود وناس من الصحابة قال لم تكونوا شيئاً فخلقكم ثم يميتكم ثم يحييكم يوم القيامة.
(هو الذي خلق لكم ما في الأرض) قال ابن كيسان أي خلق من أجلكم ما فيها من المعادن والنبات والحيوان والجبال والبحار لتنتفعوا به في مصالح الدين والدنيا، أما الدين فهو الاعتبار والتفكر في عجائب مخلوقات الله الدالة على وحدانيته، وأما الدنيا فهو الانتفاع بما خلق فيها، وقيل اللام للاختصاص، وقيل للملك والإباحة، وفيه دليل على أن الأصل في الأشياء المخلوقة الإباحة حتى يقوم دليل يدل على النقل عن هذا الأصل، ولا فرق بين الحيوانات وغيرها مما ينتفع به من غير ضرر، وفي التأكيد بقوله (جميعاً) أقوى دلالة على هذا.
وقد استدل بهذه الآية على تحريم أكل الطين لأنه تعالى خلق لنا ما في الأرض، دون نفس الارض، وقال الرازي في تفسيره إن لقائل أن يقول أن في جملة الأرض ما يطلق عليه أنه في الارض فيكون جامعاً للوصفين، ولا شك