وقد ثبت عن النبي - ﷺ - من طرق عند أهل السنن وغيرهم عن جماعة من الصحابة أحاديث في وصف السموات وإن غلظ كل سماء مسيرة خمسمائة عام، وما بين كل سماء إلى سماء خمسمائة عام، وأنها سبع سموات، وأن الأرض سبع أرضين، ولم يأت في التنزيل ولا في السنة المطهرة تصريح بأن فيهن من يعقل من العوالم والاوادم وأنبيائهم، والآثار من الصحابة ومن بعدهم إن جاءت بسند صحيح لا تصلح للاحتجاج على ذلك، فكيف بما لم يصح سنده أو صح ولكن لم يتابع عليه أو توبع عليه ولكن لم يساعده نص من الله ورسوله، وكذلك ثبت في وصف السماء آثار من جماعة من الصحابة وقد ذكر السيوطي في الدر المنثور بعض ذلك في تفسير هذه الآية، وإنما تركنا ذكره هنا لكونه غير متعلق بهذه الآية على الخصوص بل هو متعلق بما هو أعم منها (١).
(وهو بكل شيء عليم) أي يعلم الجزئيات كما يعلم الكليات وأنما أثبت سبحانه لنفسه العلم بكل شيء لأنه يجب أن يكون عالماً بجميع ما ثبت أنه خالقه.
_________
(١) جاء في فتح الباري ٦/ ٢٩٣.
روى أحمد والترمذي من حديث أبي هريرة مرفوعاً: " أن بين كل سماء وسماء خمسمائة عام وأن سمك كل سماء كذلك وأن بين كل أرض وأرض خمسمائة عام " وأخرجه اسحق بن راهويه والبزار من حديث أبي ذر نحوه ولأبي داود والترمذي من حديث العباس بن عبد المطلب مرفوعاً " بين كل سماء وسماء إحدى أو اثنتان وسبعون سنة " وجمع بين الحديثين بأن اختلاف المسافة بينهما باعتبار بطء السير وسرعته.
وروى ابن جرير من طريق شعبة عن عمر بن مرة عن أبي الضحى عن ابن عباس في هذه الآية (ومن الأرض مثلهن) قال: " في كل أرض مثل إبراهيم، ونحو ما على الأرض من الخلق، هكذا أخرجه مختصراً وإسناده صحيح. وأخرجه الحاكم والبيهقي من طريق عطاء بن السائب عن أبي الضحى مطولاً، وأوله أي سبع أرضين، في كل أرض آدم كآدمكم، ونوح كنوحكم، وإبراهيم كإبراهيمكم، وعيسى كعيسى. ونبي كنبيكم " قال البيهقي إسناده صحيح، إلا أنه شاذ بمرة، وروى ابن أبي حاتم من طريق مجاهد عن ابن عباس قال: لو حدثتكم بتفسير هذه الآية لكفرتم وكفركم تكذيبكم بها.


الصفحة التالية
Icon