أصول الدين، والعروة الوثقى والعمدة القصوى لأهل الحق واليقين، مع تنقيح للكلام، وتوضيح للمرام، يهتزله علماء البلاد في كل ناد، ولا يغض منه إلا كل هائم في واد، من يهد الله فهو المهتدي ومن يضلله فما له من هاد.
ووطنت النفس على سلوك طريقة، هي بالقبول عند الفحول حقيقة، مقتصراً فيه على أرجح الأقوال، وإعراب ما يحتاج إليه عند السؤال، وترك التطويل بذكر أقوال غير مرضية، وقصص لا تصح وأعاريب محلها كتب العربية.
وحيث ذكرت فيه شيئاً من القراآت فهو من السبع المشهورات إلا ما شاء الله، وقد أذكر بعض أقوال وأعاريب لقوة مداركها أو لورودها وإذا قرع سمعك ما لم تسمع به من المحصلين، فلا تُسرع وقف وقفة المتأملين لعلك تطلع بوميض برق إلهي، وتألق نور رباني من شاطىء الوادي الأيمن في البقعة المباركة على برهان له جلي أو بيان من سلف صالح واضح وضي.
وقد تلقيت هذا التفسير بحمد الله من تفاسير متعددة عن أئمة ظهرت وبهرت مفاخرهم، وانتشرت واشتهرت مآثرهم، جمعني الله وإياهم وجميع المسلمين ومن أخلفهم في مستقر رحمته من فراديس جنته.
فهذا التفسير وإن كبر حجمه فقد كثر علمه، وتوفر من التحقيق قسمه وأصاب غرض الحق سهمه، مفيد لمن أقبل على تحصيله، مفيض على من تمسك بذيل إجماله وتفصيله، وقد اشتمل على جميع ما في كتب التفاسير من بدائع الفوائد، مع زوائد فرائد وقواعد شوارد، من صحيح الدراية، وصريح الرواية.
فإن أحببت أن تعتبر صحة هذا فهذه كتب التفسير على ظهر البسيطة أنظر تفاسير المعتمدين على الرواية ثم ارجع إلى تفاسير المعتمدين على الدراية، ثم انظر في هذا التفسير بعد النظرين، فعند ذلك يسفر الصبح لذي عينين، ويتبين لك أن هذا الكتاب هو لب اللباب وعجب العجاب، وذخيرة الطلاب ونهاية مآرب أرباب الألباب، وأسوة المتبعين، وقدوة الناسكين، وهدى للمتقين.


الصفحة التالية
Icon