وثبت في الصحيحين من حديث أبي هريرة أن لله تسعة وتسعين اسماً من أحصاها دخل الجنة (١)، وقال الله عز وجل (ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها) وقال تعالى: (قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن أيّاً مَّا تدعوا فله الأسماء الحسنى).
(الله) علم عربي مرتجل جامد عند الأكثر، خاص لذات الواجب الوجود تفرد به الباري سبحانه لِم يطلق على غيره، ولا يشركه فيه أحد، وعند الزمخشري اسم جنس صار علماً بالغلبة، والأول هو الصحيح، ولم يقل بالله للفرق بين اليمين والتيمن، أو لتحقيق ما هو المقصود بالاستعانة ههنا فإنها تكون تارة بذاته تعالى وتارة باسمه عز وعلا، فوجب تعيين المراد بذكر الإسم وعند المحققين أنه اسم الله الأعظم، وقد ذكره الله تعالى في ألفين وثلثمائة وستين موضعاً من القرآن.
(الرحمن) من الصفات الغالبة لم يستعمل في غير الله عز وجل، وقال أبو علي الفارسي الرحمن اسم عام في جميع أنواع الرحمة يختص به الله تعالى (الرحيم) إنما هو في جهة المؤمنين قال تعالى (وكان بالمؤمنين رحيماً) وعن ابن عباس قال هما إسمان أحدهما أرق من الآخر، وقيل معناهما ذو الرحمة جمع بينهما للتأكيد وقيل غير ذلك، والأول أولى، وفي الرحمن من المبالغة ما ليس في الرحيم.
والرحمة إرادة الخير والإحسان لأهله، وقيل ترك عقوبة من يستحق العقاب: وإسداء الخير والإحسان إلى من لا يستحق، فهو على الأول صفة ذات وعلى الثاني صفة فعل، وأسماء الله تؤخذ باعتبار الغايات التي هي أفعال دون المبادىء التي هي انفعالات، وإفراد الوصفين الشريفين بالذكر لتحريك سلسلة الرحمة، وهل الرحمن مصروف أو لا، فيه قولان، مال التفتازاني إلى جواز الأمرين، وقد ورد في فضلها أحاديث ينبغي البحث عن أسانيدها والكلام
_________
(١) صحيح الجامع/٢١٦٣. وفي رواية مسلم إن لله تسعة وتسعين اسماً مائة إلا واحداً.
مسلم/٢٦٧٧ البخاري ٢٠٩٨.