ألهمنا دينك الحق، وهو الأولى لاعتبار العموم.
(صراط الذين أنعمت عليهم) بدل كل من كل، وفائدته التوكيد والتنصيص على أن صراط المسلمين هو المشهود عليه بالاستقامة والاستواء على آكد وجه وأبلغِهِ بحيث لا يذهب الوهم عند ذكره إلا إليه، والإنعام إيصال النعمة والإحسان إلى الغير إذا كان من العقلاء، ونعم الله تعالى مع استحالة إحصائها ينحصر أصولها في دنيوي وأخروي، وأطلقه ليشمل كل إنعام، فإن نعمة الإسلام عنوان النعم كلها، فمن فاز بها فقد حازها بحذافيرها.
ثم المراد بالوصول هم الأربعة المذكورة في سورة النساء حيث قال (ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً) وقال ابن عباس: هم قوم موسى وعيسى الذين لم يغيروا ولم يبدلوا وقيل هم أصحاب محمد - ﷺ - وأهل بيته وقيل هم الأنبياء خاصة وقيل مطلق المؤمنين، والأول أولى، وفيه الإشارة إلى الإقتداء بالسلف الصالح وهو غير التقليد.
(غير المغضوب عليهم) بدل كل من كل أي غير صراط الذين غضبت عليهم وهم اليهود لقوله تعالى فيهم (ومن لعنه الله وغضب عليه) قال القرطبي الغضب في اللغة الشدة وفي صفة الله إرادة العقوبة فهو صفة ذاته أو نفس العقوبة، ومنها حديث أن الصدقة لتطفىء غضب الرب فهو صفة فعله، وغضب الله لا يلحق عصاة الؤمنين، وإنما يلحق الكافرين، والعدول عن إسناد الغضب إليه تعالى كالإنعام جرى على منهاج الآداب التنزيلية في نسبة النعم والخيرات إليه عز وجل دون أضدادها، وفي (عليهم) عشر لغات وكلها صواب، قاله ابن الأنباري.
(ولا الضآلين) لا زائدة قاله الطبري والزمخشري وقيل هي تأكيد، حكاه مكي والمهدوي وقيل بمعنى غير قاله الكوفيون والمحلي أي وغير الضالين عن الهدى، وهم النصارى لقوله عز وجل (وقد ضلوا من قبل) الآية.


الصفحة التالية
Icon