الكلام على التمام، وحاصلها أن الحق في جانب السعد وأن الصواب بيده، وقد تقدمه إلى مثل هذا العلوي في حاشيته على الكشاف، وليس للسعد فيه زيادة على ما يفيده كلام الزمخشري إلا مجرد الإيضاح، ولم يأت بشيء من طرفه يستحق المؤاخذة عليه انتهى.
أقول فالحق اجتماع الاستعارة التبعية والتمثيلية، وذلك هو محل النزاع وقد اعترف الشريف بأن المقام صالح لهما لكن ادعى امتناع اجتماعهما، ويدلك على أن الاستعارة التبعية تمثيلية الاستقراء، وبه يشعر قول إمام الفن السكاكي صاحب المفتاح، وهذا صريح فيما صرح به السعد والله أعلم.
(وأولئك) في تكرير إسم الإشارة دلالة على أن كُلاَّ من الهداية الماضية والفلاح الآتي بحيث لو انفرد أحدهما لكفى مميزاً على حياله.
(هم المفلحون) أي المنجحون الناجون الفائزون نجوا من النار، وفازوا بالجنة، والفلح الظافر بالمطلوب، والفلاح أصله في اللغة الشق والقطع قاله أبو عبيد، قال القرطبي: وقد يستعمل في الفوز والبقاء وهو أصله أيضاً في اللغة فمعناه الفائزون بالجنة، والباقون فيها، وقال في الكشاف: المفلح الفائز بالبغية كأنه الذي أنفتحت له وجوه الظفر ولم تستغلق عليه، انتهى.
وقد استعمل الفلاح في السحور، ومنه الحديث الذي رواه أبو داود " حتى كاد يفوتنا الفلاح قلت ما الفلاح؟ قال السحور: وكأن معنى الحديث أن السحور به بقاء الصوم فلهذا سمي فلاحاً، وضمير الفصل ويسمى عماداً له فوائد ذكرها الخفاجي منها الدلالة على اختصاص المسند إليه بالمسند دون غيره، وقد ورد في فضل هذه الآيات الشريفة أحاديث.
ثم ذكر سبحانه فريق الشر بعد الفراغ من ذكر فريق الخير قاطعاً لهذا الكلام عن الكلام الأول معنوناً له بما يفيدان شأن جنس الكفرة عدم إجداء الإنذار لهم، وأنه لا يترتب عليه ما هو المطلوب منهم من الإيمان وأن وجود ذلك كعدمه فقال: