تفهمه والختم والكتم أخوان، وأصل الختم مصدر معناه التغطية على الشيء، والاستيثاق منه حتى لا يدخله شيء ولا يخرج منه ما حصل فيه، ومنه ختم الكتاب والباب، وما يشبه ذلك حتى لا يوصل إلى ما فيه ولا يوضع فيه غيره، فشبه هذا المعنى بضرب الخاتم على الشيء تشبيه معقول بمحسوس، والجامع انتفاء القبول لمانع منع منه، وكذا يقال في الختم على الإسماع، وإسناد الختم إلى الله قد احتج به أهل السنة على المعتزلة، وحاولوا دفع هذه الحجة بمثل ما ذكره صاحب الكشاف والكلام على مثل هذا متقرر في مواطنه.
(وعلى سمعهم) أي مواضعه، وإنما وحد السمع مع جمع القلوب كما تقدم والابصار كما سيأتي لإنه مصدر يقع على القليل والكثير، أو لوحدة المسموع وهو الصوت، وإنما خص هذه الأعضاء بالذكر لأنها طرق العلم، فالقلب محله وطريقه إما السماع وإما الرؤية (وعلى أبصارهم غشاوة) الغشاوة الغطاء وهذا البناء لما يشتمل على الشيء كالعصابة والعمامة، ومنه غاشية السرج وهي غطاء التعامي عن آيات الله ودلائل توحيده قيل المراد بالختم والغشاوة ههنا هما المعنويان لا الحسيان، ويكون الطبع والختم على القلوب والاسماع، والغشاوة على الأبصار كما قاله جماعة قال تعالى (فان يشأ الله يختم على قلبك) وقال (ختم على سمعه وقلبه وجعل على بصره غشاوة) (ولهم عذاب عظيم) يعني في الآخرة وقيل الأسر والقتل في الدنيا والعذاب الدائم في العقبى والعذاب هو كل ما يؤلم الانسان هو مأخوذ من الحبس والمنع، يقال في اللغة أعذبه عن كذا حبسه ومنعه ومنه عذوبة الماء لأنها حبست في الإناء حتى صفت، وقيل هو الايجاع الشديد، والعظيم نقيض الحقير، والكبير نقيض الصغير، فكان العظيم فوق الكبير كما أن الحقير دون الصغير، ويستعملان في الجثث والاحداث جميعاً.
(ومن الناس) جمع إنسان أو اسم جمع لإنسان قاله سيبويه والجمهور، وأصله الناس وذهب الكسائي إلى أنه اسم تام، وقال سلمة كل من ناس