القبطي قبل هذا بلا فصل، لأنه هو المراد بقوله عدو لهما، ولا موجب لمخالفة الظاهر حتى يلزم منه أن المؤمن بموسى المستغيث به المرة الأولى، والمرة الأخرى هو الذي أفشى عليه.
وأيضاً أن قوله (إن تريد إلا أن تكون جباراً في الأرض) لا يليق صدور مثله إلا من كافر، و (إن) هي النافية أي ما تريد، قال الزجاج: الجبار في اللغة الذي يتعاظم، ولا يتواضع لأمر الله، والقاتل بغير حق جبار. وقيل: الجبار الذي يفعل ما يريد، من الضرب والقتل ولا ينظر في العواقب ولا يدفع بالتي هي أحسن. وقال عكرمة: لا يكون الرجل جباراً حتى يقتل نفسين. وهو بعيد، ولا دلالة في الآية على ذلك، والراجح هو الأول الموافق باللغة.
(وما تريد أن تكون من المصلحين) بين الناس، فتدفع التخاصم بالتي هي أحسن.
(وجاء رجل من أقصى المدينة يسعى) قيل: المراد بهذا الرجل حزقيل وهو مؤمن آل فرعون وكان ابن عم موسى، وقيل: اسمه شمعون. وقيل طالوت وقيل: سمعان، والمراد بأقصى المدينة آخرها وأبعدها، والمعنى يسرع في مشيه وأخذ طريقاً قريباً حتى سبق إلى موسى وأخبره وأنذره بما سمع.
(قال يا موسى إن الملأ) أي أشراف قوم فرعون (يأتمرون بك ليقتلوك) أي يتشاورون في قتلك ويتآمرون بسببك، وإنما سمي التشاور ائتماراً لأن كُلاًّ من المتشاورين يأمر الآخر ويأتمر به، قال الزجاج: يأمر بعضهم بعضاً بقتلك وهذا أقرب باللفظ والمعنى قاله الحفناوي وقال أبو عبيدة: يتشاورون فيك، قال الأزهري: ائتمر القوم وتآمروا أي أمر بعضهم بعضاً ونظيره قوله تعالى: وائتمروا بينكم بمعروف.
(فاخرج) من المدينة (إني لك من الناصحين) في الأمر بالخروج واللام للبيان لأن معمول المجرور لا يتقدم عليه.


الصفحة التالية
Icon