قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ (٢٦) قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْرًا فَمِنْ عِنْدِكَ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ (٢٧)
(قالت إحداهما) وهي التي جاءته (يا أبت استأجره) ليرعى لنا الغنم وفيه دليل على أن الإجازة كانت عندهم مشروعة، وقد اتفق على جوازها ومشروعيتها جميع علماء الإسلام إلا الأصم، فإنه عن سماع أداتها أصم.
(إن خير من استأجرت القوي الأمين) تعليل لما وقع منها من الإرشاد لأبيها إلى استئجار موسى، أي أنه حقيق باستئجارك له لكونه جامعاً بين خصلتي القوة والأمانة ولم يقل تستأجر مع أنه الظاهر لأنه جعله لتحققه وتجربته منزلاً منزلة ما مضى وعرف قبل.
وقد روى عن ابن عباس، وعمر: إن أباها سألها عن وصفها له بالقوة والأمانة فأجابته: أما قوته فرفعه الحجر لا يطيقه إلا عشرة رجال، وأما أمانته فقال امش خلفي وانعتي لي الطريق، فإني أكره أن تصيب الريح ثيابك فتصف لي جسدك، فزاده ذلك رغبة فيه، وعن ابن مسعود: أفرس الناس ثلاثة: بنت شعيب، وصاحب يوسف في قوله عسى أن ينفعنا، وأبو بكر في أمر عمر.
(قال إني أريد أن أنكحك إحدى ابنتي هاتين) الكبرى أو الصغرى وفيه مشروعية عرض ولي المرأة لها على الرجل، وهذه سنة ثابتة في الإسلام كما ثبت من عرض عمر لابنته حفصة على أبي بكر وعثمان، والقصة معروفة وغير


الصفحة التالية
Icon