وأخرج ابن مردويه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - ﷺ -: " قال لي جبريل: يا محمد إن سألك اليهود أي الأجلين قضى موسى؟ فقل: أوفاهما وإن سألوك أيهما تزوج؟ فقل الصغرى منهما " فروايات أنه قضى أتم الأجلين لها طرق يقوي بعضها بعضاً.
(و) لما تم الأجل ودنا أيام الزلفة وظهرت أنوار النبوة (سار بأهله) زوجته بإذن أبيها إلى مصر ليشتركوا معه في لطائف صنع ربه، وقيل: سار لصلة رحمه وزيارة أمه وأخيه، وهذا أولى؛ وفيه دليل على أن الرجل يذهب بأهله حيث شاء.
(آنس من جانب الطور) أي أبصر من الجهة التي تلي الطور (ناراً) وذلك أنه كان في البرية في ليلة مظلمة شديدة البرد وأخذ امرأته الطلق، وقد تقدم تفسير هذا في سورة طه مستوفى، قال ابن عباس: لما قضى موسى الأجل سار بأهله فضل الطريق، وكان في الشتاء، فرفعت له نار فلما رآها ظن أنها نار وكانت من نور الله.
(قال لأهله امكثوا إني آنست ناراً لعلي آتيكم منها بخبر) أي لعلي أجد من يدلني على الطريق فإن لم أجد خبراً آتيكم بشهاب قبس وهو المراد بقوله (أو جذوة من النار) وهذا تقدم تفسيره أيضاً في سورة طه، وفي سورة النمل، وقرئ جذوة بكسر الجيم، وبضمها وبفتحها، وهي لغات في العود الذي في رأسه نار، هذا هو المشهور، وقيده بعضهم فقال: نار من غير لهب وقد ورد ما يقتضي وجود اللهب فيه، قال الجوهري الجذوة والجذوة الجمرة. والجمع جَذى وجَذيّ وجُذيّ، قال مجاهد: إن الجذوة قطعة من الجمر في لغة العرب، وقال أبو عبيدة: هي القطعة الغليظة من الخشب كأن في طرفها ناراً ولم تكن، وليس المراد هنا إلا ما في رأسه نار قاله السمين.
(لعلكم تصطلون) من البرد أي تستدفئون بالنار.


الصفحة التالية
Icon