إليه اليد اليسرى وكل واحدة من يمنى اليدين ويسراهما جناح، ويجوز أن يراد بالضم التجلد والثبات عند انقلاب العصا ثعباناً، وقيل: كل خائف بعد موسى إذا وضع يده على صدره زال خوفه. قال الفراء: أراد بالجناح عصاه.
(من الرهب) أي من أجل الخوف، قرئ بفتح الراء والهاء وبإسكان الهاء، وبضم الراء، وإسكان الهاء؛ وقال بعض أهل المعاني: الرهب الكم بلغة حمير وبني حنيفة، وقال الأصمعي: سمعت أعرابياً يقول لآخر: أعطني ما في رهبك؛ فسألته عن الرهب؛ فقال: الكم، فعلى هذا يكون معناها اضمم إليك يدك وأخرجها من الكم.
(فذانك) إشارة إلى العصا واليد، قرئ بتخفيف النون، قيل: والتشديد لغة قريش، وقرئ بياء تحتية بعد نون مكسورة؛ وهي لغة هذيل، وقيل لغة تميم (برهانان) أي حجتان نيرتان، ودليلان واضحان؛ وآيتان بينتان، وسميت الحجة برهاناً لإنارتها من قولهم للمرأة البيضاء: برهونة. (من ربك) أي: كائنان منه تعالى، مرسلان أو واصلان.
(إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ) متجاوزين الحد في الظلم، خارجين عن الطاعة أبلغ خروج، والجملة تعليل لما قبلها، ولما سمع موسى قول الله سبحانه هذا طلب منه سبحانه أن يقوي قلبه و
(قال رب إني قتلت منهم نفساً) يعني القبطي الذي وكزه فقضى عليه (فأخاف أن يقتلون) بها.
(وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَانًا) أي: كلاماً لأنه كان في لسان موسى حبسة من وضع الجمر في فيه، كما تقدم بيانه، والفصاحة لغة الخلوص يقال: فصح اللبن، وأفصح فهو فصيح، أي: خلص من الرغوة، ومنه فصح الرجل جادت لغته، وأفصح تكلم بالعربية، وقيل: الفصيح الذي ينطق والأعجم الذي لا ينطق، وأما في اصطلاح أهل البيان ففصاحة الكلمة خلوصها عن تنافر الحروف والغرابة، ومخالفة القياس. وفصاحة الكلام خلوصه من ضعف التأليف والتعقيد.


الصفحة التالية
Icon