(فأرسله معي ردءاً) النصب على الحال أي: عوناً والردء: المعين من أردأته إذا أعنته، يقال: فلان ردء فلان إذا كان ينصره، ويشد ظهره. وقيل: من قولهم أردى على المائة إذا زاد عليها فكأن المعنى: أرسله معي زيادة في تصديقي.
(يصدقني) بالرفع على الاستئناف، وبالجزم على جواب الأمر وقرأ أبيّ: يصدقوني، أي فرعون وملؤه، وقال ابن عباس: كي يصدقني، أي هرون ومعنى تصديقه موسى إعانته إياه بزيادة البيان في مظان الجدال، وتقرير الحجة بتوضيحها، وتزييف الشبهة، وتلخيص الدلائل بلسانه.
والجواب عن شبهات الكفار ببيانه ليثبت دعواه لا أن يقول له: صدقت، ألا ترى إلى قوله هو أفصح مني؟ وفضل الفصاحة إنما يحتاج إليه لتقرير البرهان؛ لا لقوله صدقت، حبان وباقل فيه يستويان، وهذا هو الجاري مجرى التصديق كما يصدق القول بالبرهان.
(إني أخاف أن يكذبون) إذا لم يكن معي هارون لعدم انطلاق لساني بالمحاجة.
(قال سنشد عضدك بأخيك) هارون، وكان إذ ذاك بمصر، أي نقويك به فإن قوة الشخص بشدة اليد على مزاولة الأمور، ولذلك يعبر عنه باليد، وعن شدتها بشدة العضد، فهو مجاز مرسل على طريق إطلاق السبب وإرادة المسبب بمرتبتين، فإن شدة العضد سبب مستلزم لشدة اليد وشدة اليد مستلزمة لقوة الشخص في المرتبة الثانية.
قال الشهاب: الشد التقوية فهو إما كناية تلويحيية عن تقويته، لأن اليد تشد بشد العضد، والجملة تشتد بشد اليد، ولا مانع من الحقيقة كما توهم، أو استعارة تمثيلية، شبه حال موسى في تقويه بأخيه بحال اليد في تقويها بالعضد، ويقال في دعاء الخير شد الله عضدك، وفي ضده فت الله عضدك، قرأ الجمهور عضدك بفتح العين وضم الضاد وقرئ بضمهما وسكون الضاد، وبفتحهما.


الصفحة التالية
Icon