(ونجعل لكما سلطاناً) أي حجة وبرهاناً أو تسلطاً وغلبة، وهيبة في قلوب الأعداء (فلا يصلون إليكما) بالأذى والسوء، ولا يقدرون على غلبتكما بالحجة (بآياتنا) أي تمنعان منهم بآياتنا أو اذهبا بآياتنا وقيل: الباء للقسم وجوابه، فلا يصلون، وما أضعف هذا القول. وقال الأخفش وابن جرير في الكلام تقديم وتأخير، أي أنتما ومن اتبعكما الغالبون بآياتنا، وأولى هذه الوجوه أولها، وفي قوله (أنتما ومن اتبعكما الغالبون) تبشير لهما؛ وتقوية لقلوبهما.
(فلما جاءهم موسى بآياتنا بينات) واضحات الدلالة، وقد تقدم وجه إطلاق الآيات وهي جمع على العصا واليد في سورة طه، وهو أن في كل منهما آيات عديدة.
(قالوا ما هذا إلا سحر مفترى) أي مختلق مكذوب اختلقته من قبل نفسك ثم افتريته على الله، أو سحر موصوف بالافتراء كسائر أنواع السحر، وليس بمعجزة من عند الله، أو سحر لم يفعل قبل هذا الوقت مثله.
(وما سمعنا بهذا) الذي جئت به من دعوى النبوة أو ما سمعنا بهذا السحر (في آبائنا الأولين) أي كائناً أو واقعاً فيهم.
(وقال موسى ربي أعلم بمن جاء بالهدى من عنده) يريد نفسه وإنما جاء بهذه العبارة لئلا يصرح لهم بما يريده قبل أن يوضح لهم الحجة، والله أعلم قرئ وقال بالواو وبغيرها، وكذلك هو في مصاحف أهل مكة (ومن تكون له عاقبة الدار) بالفوقية وهي أوضح من قراءتها بالتحتية، على أن اسم يكون عاقبة الدار والتذكير لوقوع الفصل، ولأنه تأنيث مجازي، والمراد بالدار هنا الدنيا، وعاقبتها هي الجنة، وإنما كانت عاقبة لها لأن الدنيا خلقت مجازاً وطريقاً إليها، أو المراد بالدار الدار الآخرة الصادقة على الجنة والنار والإضافة بمعنى في، والمعنى ومن تكون له العاقبة المحمودة في الدار الآخرة (إنه لا يفلح الظالمون) أي إن الشأن أنهم لا يفوزون بمطلب خير.


الصفحة التالية
Icon