وأخرج ابن مردويه عنه قال: قال رسول الله - ﷺ - " كلمتان قالهما فرعون (ما علمت لكم من إله غيري)، وقوله (أنا ربكم الأعلى) قال: كان بينهما أربعون عاماً فأخذه الله نكال الآخرة والأولى ".
ثم رجع إلى تكبره وتجبره وإيهام قومه بكمال اقتداره فقال:
(فأوقد لي يا هامان على الطين) أي اطبخ لي الطين حتى يصير آجراً أي بعد اتخاذه لبناً، عن قتادة قال: بلغني أن فرعون أول من طبخ الآجر، وبنى به. وعن ابن جريج نحوه، والنداء بـ (يا) في وسط الكلام دليل التعظيم والتجبر.
(فاجعل لي) من هذا الطين الذي توقد عليه حتى يصير آجراً (صرحاً) أي قصراً عالياً، وقيل منارة، روي أن هامان بنى صرحاً لم يبلغه بناء أحد من الخلق، وأراد الله أن يفتنهم فيه، فضرب الصرح جبريل بجناحه فقطعه ثلاث قطع وقعت قطعة على عسكر فرعون، وقطعة في البحر وقطعة في المغرب ولم يبق أحد من عماله إلا هلك.
(لعلي أطلع إلى إله موسى) أي أصعد إليه وأنظر وأقف على حاله كأنه توهم أنه لو كان هناك إله كان جسماً في السماء، يمكن الرقي إليه والاطلاع الصعود والطلوع والاطلاع واحد، يقال: طلع الجبل واطلع أي صعد.
(وإني لأظنه) أي موسى (من الكاذبين) في دعواه أن للأرض والخلق إلهاً سواه، وأنه أرسله.
(واستكبر هو وجنوده في الأرض بغير الحق) المراد بها أرض مصر والاستكبار التعاظم بغير استحقاق، بل بالعدوان لأنها لم تكن له حجة يدفع بها ما جاء به موسى، ولا شبهة ينصبها في مقابلة ما أظهره من المعجزات (وظنوا) أي فرعون وجنوده.
(أنهم إلينا لا يرجعون) قرئ مبنياً للمفعول وللفاعل والمراد بالرجوع البعث والمعاد.


الصفحة التالية
Icon