والمعنى على القراءتين آتيكم بشعلة نار مأخوذة من أصلها في رأس فتيلة أو عود. قال الزجاج: من نوّن جعل (قبس) من صفة (شهاب). وقال الفراء: هذه الإضافة كمسجد الجامع، وصلاة الأولى، أضاف الشيء إلى نفسه لاختلاف أسمائه. وقال النحاس: هي إضافة النوع إلى الجنس، كما تقول ثوب خز وخاتم حديد وهي بمعنى: من. أي: شهاب من قبس.
قال: ويجوز في غير القرآن بشهاب قبساً، على أنه مصدر أو بيان أو حال. قال الزجاج: كل أبيض ذي نور فهو شهاب. وقال أبو عبيدة: الشهاب النار، وقال ثعلب: أصل الشهاب عود، في أحد طرفيه جمرة والآخر لا نار فيه، والشهاب الشعاع المضيء، وقيل للكوكب: شهاب.
(لعلكم تصطلون) أي: رجاء أن تستدفئوا بها من البرد: أو لكي تستدفئوا بها، يقال: صلى بالنار واصطلى بها إذا استدفأ بها، والصلاء النار العظيمة، واختلاف الألفاظ في هاتين السورتين، والقصة واحدة، دليل على جواز نقل الحديث بالمعنى، وجواز النكاح بغير لفظ التزوج.
(فلما جاءها) أي النار التي أبصرها (نودي) من جانب الطور (أن بورك من في النار ومن حولها) (أن) هي المفسرة لما في النداء من معنى القول، أي قيل له: بورك أو هي المصدرية أي بأن بورك، أي بارك الله أي ناداه بأنا قدسناك، وطهرناك، واخترناك للرسالة. وقيل: هي المخففة من المثقلة، وتقديره بأنه بورك، واسمها ضمير الشأن، وبورك خبرها، وجاز ذلك من غير عوض، وإن منعه الزمخشري، أي لم يحتج هنا إلى فاصل. لأن قوله بورك دعاء والدعاء يخالف غيره في أحكام كثيرة. وقرئ أن بوركت النار.
وحكى الكسائي عن العرب باركك الله وبارك فيك وعليك ولك. وكذلك حكى هذا الفراء. قال ابن جرير: قال بورك من في النار، ولم يقل بورك على من في النار، على لغة من يقول: باركك الله، أي بورك، وقدس، وطهر من النار، وهو موسى، وليس هو فيها حقيقة، بل في المكان القريب