للذين تمنوا (ويلكم) كلمة زجر منصوبة بمقدر، أي ألزمكم الله ويلكم، قاله الزمخشري، ومثله في التبيان، وأصل ويلك الدعاء بالهلاك، ثم استعمل في الزجر والردع والبعث على ترك ما لا يرضي.
(ثواب الله) في الآخرة بالجنة (خير لمن آمن وعمل صالحاً) مما أوتي قارون في الدنيا، لأن الثواب منافعه عظيمة، خالصة عن شوائب المضار دائمة، وهذه النعم على الضد في هذه الصفات فلا تتمنوا عرض الدنيا الزائل الذي لا يدوم، وهذا بيان للمفضل عليه.
(ولا يلقاها) أي هذه الكلمة التي تكلم بها الأحبار وقيل: الضمير يعود إلى الأعمال الصالحة، وقيل إلى الجنة، والمعنى لا يفهمها ويوقف عليها ويوفق للعمل لها (إلا الصابرون) على طاعة الله، والمصبرون أنفسهم عن الشهوات، الراضون بقضاء الله في كل ما قسم من المنافع والمضار.
(فخسفنا به) أي بقارون (وبداره الأرض) يقال خسف المكان يخسف خسوفاً ذهب في الأرض، وخسف به الأرض خسفاً أي غاب به فيها والمعنى أن الله غيبه، وغيب داره في الأرض.
(فما كان له من فئة ينصرونه من دون الله) أي ما له جماعة يدفعون ذلك الخسف عنه (وما كان) هو في نفسه (من المنتصرين) أي من المنتقمين من موسى، أو من الممتنعين من عذاب الله يقال نصره من عدوه فانتصر، أي منعه منه فامتنع.
أخرج ابن أبي شيبة في المصنف، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والحاكم وصححه، وابن مردويه عن ابن عباس قال: " كان قارون ابن عم موسى، وكان يتبع العلم حتى جمع علماً، فلم يزل في أمره ذلك حتى بغى على موسى وحسده، فقال له موسى: إن الله أمرني أن آخذ الزكاة فأبى، فقال إن موسى يريد أن يأكل أموالكم، جاءكم بالصلاة، وجاءكم بأشياء فاحتملتموها فتحتملون أن تعطوه أموالكم؟ فقالوا: لا نحتمل! فما ترى؟ فقال لهم: أرى أن أرسل إلى بغي من بغايا بني إسرائيل فنرسلها إليه


الصفحة التالية
Icon