هي بمعنى ألم تر؟ وروي عن الكسائي أنه قال: هي كلمة تفجع، وقيل: معناها أظن وأقدر.
(يبسط) أي: يوسع (الرزق لمن يشاء من عباده ويقدر) أي، ويضيق على من يشاء، والمعنى: ليس الأمر كما زعمنا من أن البسط ينبئ عن الكرامة، والقبض ينبىء عن الهوان، بل كل منهما بمقتضى مشيئته.
(لولا أن منّ الله علينا) برحمته بعدم إعطاء ما تمنيناه، وعصمنا من مثل ما كان عليه قارون من البطر والبغي (لخسف بنا) كما خسف به، قرئ مبنياً للفاعل وللمفعول (ويكأنه لا يفلح الكافرون) أي: لا يفوزون بمطلب من مطالبهم تأكيد لما قبله.
(تلك) التي سمعت بخبرها، وبلغك شأنها (الدار الآخرة) أي: الجنة والإشارة إليها القصد التعظيم لها، والتفخيم لشأنها (نجعلها للذين لا يريدون علواً في الأرض) أي: رفعة وتكبراً على المؤمنين، وقيل: ظلماً، وقيل: استطالة على الناس، وتهاوناً بهم بالبغي.
(ولا فساداً) أي عملاً بمعاصي الله سبحانه فيها، كقتل النفس، والزنا، والسرقة، وشرب الخمر أو دعاء إلى عبادة غير الله. ولم يعلق الموعد بترك العلو والفساد، ولكن بترك إرادتهما وميل القلوب إليهما، كما قال: ولا تركنوا إلى الذين ظلموا، فعلق الوعيد بالركون.
وعن عمر بن عبد العزيز: أنه كان يرددها حتى قبض. وقال بعضهم: حقيقته التنفير عن متابعة فرعون وقارون متشبثاً بقوله: إن فرعون علا في الأرض، ولا تبغ الفساد في الأرض، وذِكر الفساد والعلو مُنَكَّرين في حيز النفي يدل على شمولهما لكل ما يطلق عليه أنه فساد، وأنه علو من غير تخصيص بنوع خاص؛ أما الفساد فظاهر أنه لا يجوز شيء منه كائناً ما كان وأما العلو فالممنوع منه ما كان على طريقة التكبر على الغير والتطاول على الناس؛ وليس منه طلب العلو في الحق والرياسة في الدين ولا محبة اللباس الحسن، والمركوب الحسن، والمنزل الحسن.


الصفحة التالية
Icon