اختيار الزجاج، يقال بيني وبينك المعاد: أي يوم القيامة لأن الناس يعودون فيه أحياء وقال أبو مالك، وأبو صالح: لرادك إلى الجنة وبه قال أبو سعيد الخدري؛ وروي عن مجاهد. وقيل إلى معاد أي إلى الموت.
(قل ربي أعلم من جاء بالهدى) وهو النبي - ﷺ - لأنه الجائي به (ومن هو في ضلال مبين) وهم المشركون، وهذا جواب لكفار مكة لما قالوا للنبي - ﷺ - إنك في ضلال والأولى حمل الآية على العموم، وأن الله سبحانه يعلم حال كل طائفة من هاتين الطائفتين، ويجازيها بما تستحقه من خير وشر.
(وما كنت) قبل مجيء الرسالة إليك (ترجو) وتؤمل أن نرسلك إلى العباد، و (أن يلقى إليك الكتاب) فإنزاله عليك ليس عن ميعاد، ولا عن طلب سابق منك، وهذا تذكير له - ﷺ - بالنعم، والاستثناء في قوله: (إلا رحمة من ربك) منقطع، أي: لكن إلقاؤه عليك رحمة من ربك، أو متصل حملاً على المعنى كأنه قيل: وما ألقى إليك الكتاب إلا لأجل الرحمة من ربك والأول أولى، وبه جزم الكسائي؛ والفراء، ثم أمره الله بخمسة أشياء فقال: (فلا تكونن ظهيراً للكافرين) أي: عوناً لهم، وفيه تعريض بغيره من الأمة، وقيل: المراد لا تكونن ظهيراً لهم بمداراتهم.
(ولا يصدنك) قرئ من (١) صده يصده، ومن أصده بمعنى صده والمعنى لا يمنعنك يا محمد الكافرون، وأقوالهم، وكذبهم، وأذاهم (عن آيات الله) أي: عن تلاوتها، والعمل بها وتبليغها (بعد إذ أنزلت إليك) أي بعد إذ أنزلها الله إليك وفرضت عليك.
(وادع) الناس (إلى ربك) أي: إلى الله وإلى توحيده، والعمل بفرائضه واجتناب معاصيه (ولا تكونن من المشركين) بإعانتهم، وفيه تعريض بغيره، كما تقدم لأنه - ﷺ - لا يكون منهم بحال من الأحوال وكذلك قوله:
_________
(١) القراءة الأولى هي قراءة الجمهور أما القراءة الأخرى فهي بضم المثناة التحتية وكسر الصاد المهملة. المطيعي.


الصفحة التالية
Icon