حتى تكفر والوجه فيه أنه ما من مكلف إلا وله سيئة أما غير الأنبياء فظاهر وأما الأنبياء فلأن ترك الأفضل منهم كالسيئة من غيرهم، ولهذا قال تعالى: (عفا الله عنك لم أذنت لهم)؟
(ولنجزينهم أحسن الذي كانوا يعملون) أي: بأحسن جزاء أعمالهم، وقيل: بجزاء أحسن أعمالهم والمراد بأحسن مجرد الوصف لا التفضيل، لئلا يكون جزاؤهم بالحسن مسكوتاً عنه، وهذا ليس بشيء لأنه من باب الأولى فإنه إذا جازاهم بالأحسن جازاهم بما دونه فهو من التنبيه على الأدنى بالأعلى، وقيل: معناه نعطيهم أكثر مما عملوا، وأحسن منه كما في قوله: (من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها).
(وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا) أي إيصاء حسناً على المبالغة قاله الكواشي، أو ذا حسن، وهذا مذهب البصريين، أو أن يفعل حسناً قاله الكوفيون قال الزجاج: إن يفعل بوالديه ما يحسن وقيل: وصيناه أمراً ذا حسن؛ وقيل: ألزمناه حسناً، وقيل: وصيناه بحسن، وقيل: يحسن حسناً ومعنى الآية: التوصية للإنسان بوالديه؛ بالبر لهما والعطف عليهما والإحسان إليهما بكل ما يمكنه من وجوه الإحسان فيشمل ذلك إعطاء المال والخدمة ولين القول، وعدم المخالفة لهما وغير ذلك، قرئ حسناً بضم الحاء وإسكان السين، وبفتحهما، وقرئ إحساناً وكذا في مضحف أبيّ.
(وإن جاهداك لتشرك بي ما ليس لك به علم) أي: إن طلبا منك وألزماك أن تشرك بي إلهاً ليس لك علم بكونه إلهاً، وفي سورة لقمان (على أن تشرك بي) لأن ما هنا وافق ما قبله لفظاً وهو: (من جاهد فإنما يجاهد لنفسه) وما هناك محمول على المعنى لأن التقدير: وإن حملاك على أن تشرك، قاله الكرماني.


الصفحة التالية
Icon